الثلاثاء، 15 أكتوبر 2013

عمر و خالد بن الوليد

8-(عمر وخالد بن الوليد) (1)

سل قاهر الفرس والرومان هل شفعت *** له الفتوح وهل أغنى تواليها (2)

غزى فأبلى وخيل الله قد عقدت *** باليمن والنصر والبشرى نواصيها

يرمي الأعادي بآراء مسـددة *** وبالفـوارس قد سالت مذاكيـها (3)

ما واقع الروم إلا فر قارحها *** ولا رمى الفرس إلا طاش راميها (4)

ولم يجز بلدة إلا سمعت بـها *** الله أكبـر تـدْوي في نواحـيها

عشرون موقعة مرت محجلة *** من بعد عشر بنان الفتح تحصيها (5)

وخالد في سبيل الله موقـدها *** وخالـد في سبيل الله صـاليها (6)

أتاه أمر أبي حفـص فقبله *** كمــا يقـبل آي الله تاليهــا

واستقبل العزل في إبان سطوته *** ومجده مستريح النفس هاديها

فأعجب لسيد مخزوم وفارسها *** يوم النزال إذا نادى مناديـها (7)

يقوده حبشي في عمامته *** ولا تحـرك مخزوم عواليـها (8)

ألقى القياد إلى الجراح ممتثلا *** وعزة النفس لم تجرح حواشيها

وانضم للجند يمشي تحت رايته *** وبالحياة إذا مالت يفديها

وما عرته شكوك في خليفته *** ولا ارتضى إمرة الجراح تمويها

فخالد كان يدري أن صاحبه *** قد وجه النفس نحو الله توجيها (9)

فما يعالج من قول ولا عـمل *** إلا أراد به للنـاس ترفيـها

لذاك أوصى بأولاد له عمرا *** لما دعاه إلى الفردوس داعيـها

وما نهى عمر في يوم مصرعه *** نساء مخزوم أن تبـكي بواكيـها (10)

وقيل فارقت يا فاروق صاحبنا *** فيه وقد كان أعطى القوس باريها (11)

فقال خفت افتتان المسلمين به *** وفتنة النفس أعيت من يداويها (12)

هبوه أخطأ في تأويل مقصده *** وأنها سقطة في عين ناعيها

فلن تعيب حصيف الرأي زلته *** حتى يعيب سيوف الهند نابيها (13)

تالله لم يتَّبع في ابن الوليد هوى *** ولا شفى غلة في الصدر يطويها

لكنه قد رأى رأيا فأتبعه *** عزيمـة منه لـم تثـلم مواضـيها (14)

لم يرع في طاعة المولى خؤولته *** ولا رعى غيرها فيما ينافيها (15)

وما أصاب ابنه والسوط يأخذه *** لديه من رأفة في الحد يبديها (16)

إن الذي برأ الفاروق نزهه *** عن النقائص والأغراض تنزيها (17)

فذاك خلق من الفردوس طينته *** الله أودع فيــها ما ينقيـها

لا الكبر يسكنها لا الظلم يصحبها *** لا الحقد يعرفها لا الحرص يغويها

.......................
(1) بينما كان خالد بن الوليد يقود جيوش المسلمين في فتح الشام، إذ جاء البرد من المدينة ينعى أبا بكر، ويخبر باستخلاف عمر بن الخطاب، ومعه أمر بعزل خالد بن الوليد، وإسناد إمارة الجيش العامة الى أبي عبيدة بن الجراح، فكتم أبو عبيدة الأمر عن خالد ريثما يتم النصر للمسلمين، وكان وصول البريد على أصح الروايات أثناء حصار دمشق. ويقال إن سبب عزل خالد أمران: أولهما ما كان في نفس عمر بن الخطاب على خالد بن الوليد منذ قتل خالد مالك بن نويرة، وتزوجه بامرأته أثناء حروب الردة؛ وثانيهما اقبال جند المسلمين على خالد وحبهم له واستماتتهم بين يديه في جميع حروبه في الشام والعراق، وذلك ليمن طالعه في الحروب وشجاعته، فخشي من افتتان الناس به، ولهذا بادر بعزله قبل أن يصل خبر توليه الخلافة الى المسلمين؛ وخالد أمير على جيش عظيم منهم. ولم يكتم عمر عن خالد ما في نفسه بل صارحه قائلا: "وما عزلتك لريبة فيك، ولكن افتتن الناس بك، فخفت أن تفتتن بالناس". وبقي خالد الى اخر حياته مطيعا لعمر، وقبل موته أوصى عمر بأولاده
(2) قاهر الفرس والرومان: خالد بن الوليد
(3) المذاكي: الخيل التي تم سنها وكملت قوتها & والسيال المذاكي: كناية عن انتشارها وكثرتها
(4) قارحها: أي القوي المكتمل منها
(5) محجلة: واضحة مشرقة بالانتصار
(6) صاليها: يقاسي حرها وشدتها
(7) مخزوم: قبيلة خالد
(8) يريد "الحبشي" بلال بن رباح، وهو الذ نفذ أمر عمر بن الخطاب في خالد بأن يجره من عمامته حين استحيا أبو عبيدة من تنفيذه، فهد بلال عمامة خالد ووضعها في رقبته، ثم أرجعها الى رأسه ثانية، وقال: "نطيع أمراءنا ونكرم سادتنا". & العوالي: الرماح & تحريكها: كنتية عن الثورة على عمر والانتصاف لخالد
(9) صاحبه: أي عمر بن الخطاب
(10) يشير الى ما يروى من ان عمر بلغه أن نسوة من نساء بني المغيرة اجتمعن في دار يبكين خالد بن الوليد، فقال: وما عليهن ان يبكين أبا سليمان ما لم يكن نقع او لقلقة
(11) صاحبنا: أي أبو بكر & وفيه: أي في خالد & أعطى القوس باريها: أي استعان في الحرب بمن له معرفة بها
(12) *من حكم حافظ: "فتنة النفس أعيت من يداويها"
(13) *من حكم حافظ: "لن تعيب حصيف الرأي زلته"
(14) المواضي: السيوف الماضية & لم تلثم: لم تكسر أشفارها
(15) خؤولته: أي خؤولة قبيلة خالد لعمر: فأم عمر بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم & فيما ينافيها: أي معصية الله
(16) يقول ان ابنه لم ينل منه رأفة وهو يحد في شرب الخمر، والسياط تأخذ من جسمه، ويشير بذلك الى حده ولده عبد الرحمن في الخمر، وقد مرض بعد ذلك ومات؛ وان كان بعض المؤرخين شككوا في هذه الرواية.
(17) برأ: خلق
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

الحقوق محفوظه لمدونة

اشعار عربيه و قصائد و معلقات

http://ash3ararabya.blogspot.com

نرحب بزيارتكم لنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك معنا برايك تعليققك يهمنا و رايك يهمنا