الجمعة، 22 نوفمبر 2013

لَيْسَ الغَريبُ

 لَيْسَ الغَريبُ
=====


لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّأمِ واليَمَـنِِ
إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحـدِ والكَفَـن
إِنَّ الغَريِـبَ لَـهُ حَـقٌّ لِغُرْبَـتِـهِ
على الْمُقيمينَ في الأَوطانِ والسَّكَنِ
لا تَنْهَـرنَّ غريبـاً حَـالَ غُربتـه
الدَّهْـرُ يَنْهْـرُه بالـذُّلِ والمِحَـنِ
ِسَفَري بَعيـدٌ وَزادي لَـنْ يُبَلِّغَنـي
وَقُوَّتي ضَعُفَتْ والمـوتُ يَطلُبُنـي
وَلي بَقايا ذُنـوبٍ لَسْـتُ أَعْلَمُهـا
الله يَعْلَمُهـا فـي السِّـرِ والعَلَـن
مَا أَحْلَمَ اللهَ عَني حَيْـثُ أَمْهَلَنـي
وقَدْ تَمادَيْتُ في ذَنْبـي ويَسْتُرُنِـي
أَنَا الَّذِي أُغْلِقُ الأَبْـوابَ مُجْتَهِـدا
عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُرُنـي
يَا زَلَّةً كُتِبَتْ فـي غَفْلَـةٍ ذَهَبَـتْ
يا حسرة بقيت في القلب تحرقني
دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسـي وَأَنْدِبُهـا
وَأَقْطَعُ الدَّهْـرَ بِالتَّذْكِيـرِ وَالحَـزَن
دَعْني أَسِحُ دُمُوعاً لا انْقِطَاعَ لَهَـا
فَهَلْ عَسَى عَبْرَةٌ مِنْهَـا تُخَلِّصُنـي
دَعْني أَنُوحُ عَلى نَفْسـي وَأَنْدِبُهـا
وَأَقْطَعُ الدَّهْـرَ بِالتَّذْكِيـرِ وَالحَـزَن
دَعْ عَنْكَ عَذْلي يَا مَنْ كان يَعْذِلُنـي
لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ مَا بي كُنْت تَعْذُرُنـي
كَأَنَّني بَينَ تلـك الأَهـلِ مُنطَرِحَـاً
على الفِـراشِ وَأَيْديهِـمْ تُقَلِّبُنـي

كَأَنَني وَحَوْلي مَـنْ يَنُـوحُ ومَـن
يَبْكِـي عَلَـيَّ ويَنْعَانـي وَيَنْدُبُنـي

وَقد أَتَوْا بِطَبيـبٍ كَـيْ يُعالِجَنـي
وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هذا اليـومَ يَنْفَعُنـي
واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُها
مِن كُلِّ عِرْقٍ بِلا رِفـقٍ ولا هَـوَنِ
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِها
وصَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَني
وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفـوا
بَعْدَ الإِياسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَـن
وَقامَ مَنْ كانَ حِبَّ النّاسِ في عَجَلٍ
نَحْـوَ المُغَسِّـلِ يَأْتينـي يُغَسِّلُنـي
وَقالَ يا قَوْمِ نَبْغِـي غاسِـلاً حَذِقـاً
حُـراً أَرِيبـاً لَبِيبـاً عَارِفـاً فَطِـن
فَجاءَنـي رَجُـلٌ مِنْهُـمْ فَجَرَّدَنـي
مِنَ الثِّيـابِ وَأَعْرَانـي وأَفْرَدَنـي
وَأَوْدَعوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحـاً
وَصَارَ فَوْقي خَرِيرُ الماءِ يَنْظِفُنـي
وَأَسْكَبَ الماءَ مِنْ فَوقي وَغَسَّلَنـي
غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَـوْمَ بِالكَفَـنِ
وَأَلْبَسُونـي ثِيابـاً لا كِمـامَ لهـا
وَصارَ زَادي حَنُوطِي حينَ حَنَّطَنـي
وَقَدَّموني إِلى المحرابِ وانصَرَفـوا
خَلْفَ الإِمَامِ فَصَلَّـى ثـمّ وَدَّعَنـي
صَلَّوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكـوعَ لهـا
ولا سُجـودَ لَعَـلَّ اللهَ يَرْحَمُـنـي
وَأَنْزَلوني إلى قَبـري علـى مَهَـلٍ
وَقَدَّمُـوا واحِـداً مِنهـم يُلَحِّدُنـي
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَني
وَأَسْكَبَ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَنـي
فَقـامَ مُحتَرِمـاً بِالعَـزمِ مُشْتَمِـلاً
وَصَفَّفَ اللَّبِنَ مِنْ فَوْقِي وفارَقَنـي
وقَالَ هُلُّوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِمـواِ
حُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ
في ظُلْمَـةِ القبـرِ لا أُمٌّ هنـاك ولا
أَبٌ شَفـيـقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّـسُـنـي
وَهَالَني صُورَةْ في العَين إذ نَظَرَتْ
مِنْ هَوْلِ مطلع مَـا قَـدْ كَـانَ أَدْهَشَنـي
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ مـا أَقـولُ لهـم
قد هانني أمرهم جدا فأفزعني
فَامْنُنْ عَلَيَّ بِعَفْوٍ مِنـك يـا أَمَلـي
فَإِنَّنـي مُوثَـقٌ بِالذَّنْـبِ مُرْتَهَـنِ
تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعدما انْصَرَفُـوا
وَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَنـي
فَـلا تَغُرَّنَّـكَ الدُّنْـيـا وَزِينَتُـهـا
وانْظُرْ إلى فِعْلِها في الأَهْلِ والوَطَنِ
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها
هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَـنِ
خُذِ القَنَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِهـا
لَوْ لم يَكُنْ لَـكَ إِلا رَاحَـةُ البَـدَنِ
يَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي


فرِيدٌ .. وَحِيـدُ القبـرِ، يـا أَسَفـاً
عَلى الفِراقِ بِـلا عَمَـلٍ يُزَوِّدُنـي


فِعْـلاً جميـلاً لَعَـلَّ اللهَ يَرحَمُنـي
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً
عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَـنِ
ثمَّ الصلاةُ علـى المبعـوث سَيِّدِنـا
مَا وَضّأ البَرْقَ في شَّامٍ وفي يَمَـنِ
والحمدُ لله مُمْسِينَـا وَمُصْبِحِنَـا
بِالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْسانِ وَالمِنَـنِ



-----------------------------------------------------------------------
الحقوق محفوظه لمدونة اشعار عربيه و قصائد و معلقات
نرحب بزيارتكم لنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك معنا برايك تعليققك يهمنا و رايك يهمنا