الأربعاء، 2 مايو 2012

إعلام المسلمين بحكم اللحية والتدخين





إعلام المسلمين
بحكم اللحية والتدخين

تأليف
أبي أنس

مَاجد إسلام البنكاني

حقوق الطبع لكل من يريد طبعه وتوزيعه مجاناً





    ** المقدمــة **
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضلَّ له، ومن يُضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
)يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون(.([1])
)يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً(. النساء الآية (1).
)يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً، يُصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يُطِع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً(.([2])
أما بعد،،
فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدى هدي محمد e ، وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أخوتي في الله لأهمية اللحية في الدين ولخطورة التدخين أحببنا أن نكتب في هذا الموضوع لتنبيه المسلم لهذين الأمرين. 

حرمة حلق اللحية

    قال الله تعالى: )يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ، الذي خلقك فسواك فعدلك(. الانفطار (6ـ7) .

وقال تعالى:)لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (. التين (4) .

      وقال جل في علاه : ) فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدينُ القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون[.الروم (30) .

    خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن صورة ، وزيَّنه في أحسن زينة ،  ومن الزينة التي زين الله سبحانه الرجال هي اللحية ، حتى أن عائشة رضي الله عنها كانت كثيراً ما تحلف : "والذي زين الرجال باللحى" ، فاللحية هي من الزينة الظاهرة ، ومن الفطرة التي فطر الناس عليها.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله r : "عشرة من سنن الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظافر، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتفاض الماء"([3]).

 وقال الراوي: ونسيت العاشرة لعلها المضمضة فهي من خصال الفطرة


حد اللحية لغة وشرعاً

قال المجد الفيروز آبادي في "القاموس المحيط" : اللحية : بالكسرِ، شعر الخدين والذَّقن(ِ[4]).

وقال الشيخ عبد الستار الدهلوي: فإذا فهمتَ ما جاء بكتب اللغة العربية عرفت حينئذٍ أن جميع شعـر الوجه مما ينبت على الذقن وتحت اللحيين، وما على الخدين والعارضين يقال له: لحية، ما عدا الشارب([5]).

والذي يحلق لحيته يكون مطيعاً للشيطان ومن المنفذين لأمره وهي تغيير وتبديل لخلق الله.

    قال الله تعالى حكاية عن الشيطان:)ولأضلنهم ولأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولأمرنهـم فليغيرن خلـق الله ومن يتخـذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً(.النساء (119).

أي يأمرهم بتغيير الفطرة التي فطروا عليها.

فهـذا نص صريح في أن تغيير خلق الله دون إذنٍ منه سبحانه وتعالى إطاعة لأمر الشيطان، وعصيان للرحمن جل جلاله.

قال الشيخ التهانوي في تفسيره "بيان القرآن": أن حلق اللحية داخل في هذا التغيير.


أدلة تحريم حلق اللحية من السنة المطهرة

أمرنا الله تعالى بطاعة النبي r في ما أمر به وما نهى عنه فقال جل في علاه: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ النور54 وقال جل وعز  فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[النور63

وقال سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا. الأحزاب36 قال ابن كثير رحمه الله: فهذه الآية عامة في جميع الأمور، وذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء، فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد هاهنا، ولا رأي ولاقول.اهـ.

هذا وقد ثبت في السنة المطهرة عن نبيّنا الكريم صلى الله عليه وسلم  تحريم حلق الحية .

فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله r: "خالفوا المشركين واتركوا اللحى وأعفوا الشوارب" .

وفي رواية : "أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى" ([6]).

قوله: "أنهكوا": قال ابن حجر رحمه الله تعالى: النهك: التنقص، وهو المبالغة في كل شيء، والناهك والنهيك المبالغ في جميع الأشياء.

 فأنهكوا الشوارب أي بالغوا في الأخذ منها. فتح الباري (10/351) .

جاء في المصباح المنير : عفا الشيء: كثر . وفي التنـزيل: "حتى عفواً" أي حتى كثروا، ومنه عفا بنو فلان إذا أكثروا، وعفوت الشعر أي تركته حتى يكثر ويطيل ومنه: "أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى" .
وجاء في إكمال المعلم في شرح فوائد مسلم: قوله: "وأعفوا اللحى" وفي رواية "أوفوا اللحى" وهما بمعنى: أي اتركوها حتى تكثر وتطول ثم قال: وقال أبو عبيده في إعفاء اللحى: هو أن توفر وتكثر، يقال: عفا الشيء إذا كثر وزاد. وأعفيته أنا.

وقال الحافظ بن حجر : وفروا بتشديد الفاء من التوفير وهو الإبقاء أي أتركوها وافرة وإعفاء اللحية تركها على حالها. ذكره الدهلوي في كتابه "شمس الضحى في إعفاء اللحى" (ص10) .

وقال القرطبيفي المفهم (1/512) : لا يجوز حلق اللحية ولا نتفها ولا قص الكثير منها فأما أخذ ما تطاير منها وما يُشّوِّه ويدعو إلى الشهرة طولاً وعرضاً فحسن عند مالك وغيره من السلف. إنتهى([7])

ولكن نجد بعضهم من يحلـق شاربه، وهذا الفعل لا يجوز، وثبت عن الإمام مالك أنه قال: أنها مثلى .


وعنه أيضاً قال: "أن رسول الله r أمرنا بإعفاء اللحية"([8]).

وعن أبي هريرة t أن رسول الله r قال:"جزوا الشوارب وأعفوا اللحى".([9])

وفي قصة المجوس الذين وفدوا على المدينة ودخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما، فكره النظر إليهما وقال: "ويلكما من أمركما بهذا ؟ ! " قالا: أمرنا ربنا - يعنيان كسرى - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ولكن ربى أمرنى بإعفاء لحيتى وقص شاربى " حسنه الشيخ الألباني في تعليقه على فقه السيرة.

فهذه الأحاديث بصيغة الأمر، والأمر يقتضي الوجوب، والذي يخالف أمر النبي r يدخل في عموم قوله تعالى: )فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم(([10]).

وقال تعالى: )ما ءاتكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب(. الحشر (7).

وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير شعر اللحية " . صحيح مسلم (2344)
وعن علي رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثاللحية " مسند أحمد (796 ,684) بإسناد حسن
وجاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في وصف النبي صلى الله عليه وسلم : " قد ملأت لحيته من هذه إلى هذه حتى كادت تملأ نحره " مسند أحمد (3410) والترمذي في الشمائل(393) وهو صحيح.
وردّ عمر بن الخطاب t، وأبو يعلى قاضي المدينة شهادة من كان ينتف لحيته.([11])

أقوال الأئمة في حلق اللحية

وقد اتفقت المذاهب الأربعة على وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها.
وقد نقل الإجماع على تحريم حلق اللحية ابن حزم رحمه الله في (المحلى 2/220) فقال: وأما فرض قص الشارب وإعفاء اللحية: ثم ذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وقال في (مراتب الإجماع 182: اتفقوا أن حلق جميع اللحية مُثْلة لا تجوز  وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: القصمن اللحية خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: وفروا اللحى  أعفوا اللحى أرخوا اللحى فمن أراداتباع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، واتباع هديه صلى الله عليه وسلم ، فلا يأخذن منها شيئاً ، فإن هدي الرسول ، عليه الصلاة والسلام، أن لا يأخذ من لحيته شيئاً، وكذلك كان هدي الأنبياء قبله. فتاوى ابن عثيمين(11/126
وإليك أقوال المذاهب:
مذهب أبي حنيفة رحمه الله: ما نصه: ويحرم على الرجل قطع لحيته."الدر المختار".

ومذهب المالكية: ويحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال. "التمهيد"

وجاء في مواهب الجليل شرح مختصر الشيخ خليل:
وحلق اللحية لا يجوز وكذلك الشارب وهو مُثلة وبدعة , ويؤدب من حلق لحيته أو شاربه إلا أن يريد الإحرام بالحج ويخشى من طول شاربه.اهـ.

وأتفق أبو الحسن المالكي في شرحه والعدوي في حاشيته على (كفاية الطالب) علىأن حلق اللحية بدعة محرمة في حق الرجل.
وقال أبو العباس القرطبي المالكي في المفهم: لا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قص الكثير منها.اهـ
ومذهب الشافعية: قالوا بحرمة من حلق اللحية وكذا قصها إذا كان يحصل به مثله

وقد نص الإمام الشافعي رحمه الله على تحريم حلق اللحية .  الأم .

وقال الحليمي الشافعي:لا يحل لأحد أن يحلق لحيته ولا حاجبيه، وإن كانله أن يحلق شاربه، لأن لحلقه فائدة، وهي أن لا يعلق به من دسم الطعام ورائحته ما يكره، بخلاف حلق اللحية فإنه هُجنة وشهرة وتشبه بالنساء، فهو كجبِّ الذكر. (الاعلام لابن الملقن 1/711).وقال النووي في شرحه على مسلم(3/151):وجاء في رواية البخاري وفروا اللحى فحصل خمس روايات أعفوا وأوفوا وأرخوا وارجوا ووفروا ومعناها كلها تركها على حالها هذا هو الظاهر من الحديث الذي تقتضيه ألفاظه وهو الذي قاله جماعة من أصحابنا وغيرهم من العلماء.والمختار ترك اللحية على حالها وألا يتعرض لها بتقصير شئ أصلاوالمختار في الشارب ترك الاستئصال والاقتصار على ما يبدو به طرف الشفة والله أعلم .
وقال الإمام النووي رحمه الله في شرحه حديث: "أحفوا الشوارب، وأعفوا اللحى": أنه وردت روايات خمس في ترك اللحية، وكلها على اختلاف ألفاظها تدل على تركها على حالها وقد ذهب كثير من العلماء إلى منع الحلق والاستئصال، لأمر الرسول r بإعفائها من الحلق ولا خلاف بين فقهاء المسلمين في أن إطلاق اللحى من سنن الإسلام فيما عبر عنه الرسول r في الحديث السابق الذي روته عائشة "عشرة من الفطرة".

    ومما يشير إلى أن ترك اللحية وإطلاقها أمر تقره أحكام الإسلام وسسنه مما أشار إليه فقه الشافعي من أنه : "يجوز التعزير بحلق الرأس لا اللحية" وظاهر هذا حرمة حلقها على رأي أكثر المتأخرين.

ونقل ابن قدامة الحنبلي في المغنى: أن الدية تجب في شعر اللحية عند أحمد وأبي حنيفة والثوري، وقال الشافعي ومالك: فيه حكومة عدل.

وقال ابن عبدالبرفي "التمهيد" : ويحرم حلق اللحية، ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال.

ومذهب الحنابلة : اتفق جميع فقهاء المذهب على حرمة حلق اللحية، حيث قال السفاريني: المعتمد في المذهب حرمة حلق اللحية .اهـ .([12])

قال ابن مفلح في الفروع (1/92): ويعفي لحيته وفي المذهب ما لم يستهجن طولها ويحرم حلقها.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يحرم حلق اللحية للأحاديث الصحيحة ولم يبحه أحد.الاختيارات العلمية (ص6).

وقال في الفروع 2/129] )ويحرم حلق اللحية.[/color]

والمذهب الظاهـري : قال ابن حزم رحمه الله كما ذكرنا: واتفقوا أن حلق جميع اللحية مثلة لا يجوز . مراتب الإجماع .

وفي سؤال للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن حكم حلق اللحية أو أخذ شئ  منها ، واهي حدود اللحية الشرعية؟

 فأجاب: حلق اللحية محرم لأنه معصية لرسول الله e فإن النبي e قال: "أعفوا اللحى وحفوا الشارب" ولأنه خروج عن هدى المرسلين إلى هدى المجوس والمشركين ، وحد اللحية كما ذكره أهل اللغة هي شعر الوجه واللحيين والخدين بمعنى أن كل ما على الخدين وعلى اللحيين والذقن فهو من اللحية ، وأخذ شئ منها داخل في المعصية أيضاً لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : "أعفوا اللحى ..." "وأرخوا اللحى ..." "ووفروا اللحى ..." وهذا يدل على أنه لا يجوز أخذ شئ منها ، لكن المعاصي تتفاوت ، فالحلق أعظم من أخذ شئ منها ، لأنه أعظم وأبين مخالفةً من أخذ شئ منها.

+ @ +

التحذير من التدخين وخطورته

ابتلينا في هذه الأزمان ببلوى عمت وطمت إلا من رحم الله تعالى منهم.

ولقد انتشر في الشعوب الإسلامية شرب الدخان الذي لا يشك عاقل أنه من الخبائث، بحيث أدرك كل عاقل خبثه وبشاعته ونفور العقول والفطر عنه، لذا وجب إظهار حكمها وإدراجها تحت عموم النصوص الشرعية على أصل القياس الصحيح لبيان حكمها.

قال الله تعالى: )ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن(.الأنعام (151). وقال تعالى: )ولا تقتلوا أنفسكم(. النساء (29).

تاريخ ظهور الدخان :
ظهر الدخان على الوجه المعروف به اليوم عام 1492م تقريباً حيث رأى بعض البحارة الأسبانيين شجرة الدخان عند اكتشافهم القارة الأمريكية. وأول ما ظهر الدخان في البلاد الإسلامية كان في أواخر المائة العاشرة من الهجرة النبوية، وأول من جلبه للبلاد الإسلامية هم النصارى.
ممَّ يتركب الدخان؟
الدخان هو مجموعة من المواد السامة وهي:
1 - غاز أول أكسيد الفحم.
2-عنصر الرصاص الثقيل السام.
3- مادة البنزوبيرين التي لا خلاف بين الأطباء حول تأثيرها الفعال في ظهور السرطان.
4- النيكوتين وهي مادة سامة جداً لدرجة أن 50 مليغراماً منها تقتل إنساناً إذا حُقن بها دفعةً واحدة في الشريان.
5- عنصر البلونيوم الذي يتركز في رئة المدخِّن ويفتك بها.
6- القطران: وهي المادة التي تؤدي إلى اصفرار الأسنان.
7- الزرنيج الذي يُستعمل في إبادة الحشرات.

8- كحول ومواد مُطيبة تضيفها المصانع من أجل الاحتفاظ بالرطوبة في التبغ. [أنظر التدخين بين المؤيدين والمعارضين للدكتور العرموش ص14 وكتاب الأشربة وأحكامها ص393]

وهناك أدلة كثيرة من القرآن والسنة تحرم التدخين، فمنها:

اعلم أن الأطعمة على قسمين لا ثالث لهما : طيب أو خبيث، والدخان باعتراف كل العقلاء أنه من الخبائث .

قال الله تعالى في وصف نبيه r: )يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ، ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث(.الأعراف: (157).

وقال النبي r: "إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، قال تعالى: )يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً( . المؤمنون الآية (51) .

   وقال : )يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما زرقناكم(.([13]) .([14])

ومفهوم هذه النصوص تحريم ما ليس بطيب ، والنهي عنه.

وقال تعالى: )قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث(. المائدة: (100).

هذا أولا.

أما ثانيا : فهو من إضاعة المال وإذهابه ، فيكون إسرافا ، وقد ذم الله سبحانه وتعالى المسرفين والمبذرين.

قال تعالى: )ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين(.الأنعام (141).

وقال تعالى: )ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين(.الإسراء (27).

قال مجاهد : "لو أنفق إنسان ماله كله في الحق ما كان تبذيرا، ولو أنفق منه مدا في باطل كان تبذيرا".

وقال قتادة: "التبذير النفقة في معصية الله، وفي الفساد، وفي غير الحق".

وفسر ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم ، وغيرهم الإسراف: بأنه النفقة في معصية الله ، وفي غير الحق .

وقد تكاثرت الأحاديث بالنهي عن إضاعة المال، ففي حديث المغيرة في الصحيح: "وكره لكم ثلاثا: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال". سبق تخريجه.

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: "لا تزول قدما عبد، حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به".([15])

ثالثاً : الإضرار التي يسببها التدخين: إن التدخين يسبب أضرار في الجسم بليغة تسبب الموت ، وتهلك الجسم ، كما هو ظاهر من حال المدخنين ، وصرح به الأطباء المختصون .

وبيّن العالم الأفغاني محمد عبد الغفار في كتابه «مصائب الدخان تسعٌ وتسعون» أن الدخان ينجم عنه أمراض مختلفة بيّنها الأطباء وبلغ مجموعها تسعةً وتسعين مرضاً.

 وقد علم القاصي والداني ما يتركه التدخين على الأجسام من آفات، منها : أ - تصلب الشرايين.

ب - ارتفاع في نسبة النكوتين في الدم.

ج - ضعف القلب. د - التسبب في أمراض السرطان والرئة.

هذا إلى جانب آثار عامة أخرى على الجهاز التنفسي أهمها:

1- زيادة إفراز المخاط.

2- توقف النشاط الشعيري في إخراج البلغم.

3- زيادة تقلص العضلات الصغيرة المحيطة بشعب الهوى.

4- توقف نشاط البلاعيم وخلايا أكله الموجودة في الحويصلات الهوائية.

5-  تغيرات في الغشاء المخاطي للقصبة الهوائية والشعب الهوائية.

إلى  غير ذلك من التأثيرات على القلب وعلى الجسم بشكل عام.

وكذلك الأضرار بالآخرين عند استنشاق الدخان من المدخنين.

وقد تكاثرت النصوص من الكتاب والسنة بالنهي عن الإضرار بالنفس وبالآخرين.

    قال الله تعالى: )ولا تلقوا بأيديكم إلى  التهلكة(. البقرة: (195).

وقال تعالى: )والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا(.

وقال النبي r: "لا ضرر ولا ضرار".([16])

ونقل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى عن الأطباء قولهم في التبغ: هو نبات حشيشي مخدر من الطعم، وبعد التحقيق والتجربة ظهر أن التبغ بنوعيه: التوتوت، والتنباك، من الفصيلة الباذنجانية، التي تشمل على أشر النباتات السامة، كالبلادونا، والبرش، والنبج، وهما مركبان من أملاح البوتاس، والنوشادر ،  ومنه مادة صمغية، ومادة حريفة، تسمى "نيكوتين"، قالوا : وهي من أشد السموم فعلا . أ.هـ.([17])

وقال حجر أحمد حجر-كلية الطب - جامع (كولورادو):

هناك أمراض كثيرة يسببها التدخين، أو يزيدها سوءاً لا يمكن حصرها هنا، مثل قرحة المعدة، الإجهاض، موت الجنين، وخفة وزن المولود لأم مدخنة، وأمراض الشرايين وضعف البصر ...الخ.

وهكذا فإن الحقائق السابقة تشير إلى  مدى أضرار التدخين، وأن التدخين ليس إلا انتحار بطيء، وإننا نشجع من لا يدخن ألا يتشبث بالتدخين، والمدخن أن يبادر إلى الإقلاع، وترك الهواء النقي يتسرب إلى  رئتيه.أ.هـ. ([18])

والضرر هنا ينقسم إلى نوعين:
أ- ضررٌ بدني: حيثُ يُضعف القوى ويُغير لون الوجه بالصُفرة والإصابة بالسعال الشديد الذي قد يؤدي إلى مرض السل؛ وأنه لا فرق في حرمة المضر بين أن يكون ضرره دفعياً (أي يأتي دفعة واحدة) وأن يكون تدريجياً فإن التدريجي هو الأكثرُ وقوعاً.
ب- ضررٌ مالي: ويُعنى به أن في التدخين تبذيراً للمال لأنه لا يفيد لا في الجسم ولا في الروح ولا في الدنيا ولا في الآخرة وقد نهى النبي صلى الله عيه وسلم عن إضاعة المال كما مر معنا.
وقوله صلى الله عيه وسلم «من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته» [متفق عليه]؛ قال هذا صلى الله عيه وسلم لكراهة رائحة هاتين الثمرتين فكيف برائحة هذا الدخان العفنة المنتنة التي تؤذي من يتعاطاه وتؤذي غيره من الناس؟ بل إن رائحة هذا الدخان أشد إيذاءً من رائحة البصل أو الثوم، ومن صلى بجانب مُدخّن وجد هذا فنسأل الله تعالى أن يحفظنا وإخواننا من البلاء في الدين والدنيا.

رابعاً :أنه مفتر .

فعن أم سلمة رضي الله عنها، قالت : نهى رسول الله r عن كل مسكر ومفتر . ([19])

والمفتر كما في اللسان الذي يفتر الجسد إذا شرب، أو يحمي الجسد، ويصير فتورا .

وقال الخطابي: المفتر كل شراب يورث الفتور والخدر في الأطراف، أ.هـ. ([20])

وفي القاموس فتر : سكن بعد مدة ولان بعد شدة، وفتر جسمه فتورا ، لانت مفاصله وضعف، وأفتره الداء: أضعفه، والفتار كغراب ابتداء النشوة، فالتفتير في الدخان فلا شك فيه وقد نهى النبي r عن ذلك.

وهذا الحديث من أصرح الأدلة في تحريم الدخان والخمر .

وهناك عدة رسائل نافعة في التدخين وضرره وحكمه.

ومنها رسالة للشيخ ابن جبرين حفظه الله تعالى واسمها (التدخين مادته وحكمه في الإسلام).

وفي سؤال للشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى حول بيان حكم شرب الدخان والشيشة، فقال: شرب الدخان محرم، وكذلك الشيشة، والدليل على ذلك قوله تعالى: ]وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً[.النساء الآية (29). وقوله تعالى: ]وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ[.([21]) وقد ثبت في الطب أن تناول هذه الأشياء مضر ، وإذا كان مضراً كان حراماً ، ودليل آخر قوله تعالى : ]وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً[ .([22])فنهي عن إتيان السفهاء أموالنا لأنهم يبذرونها ويفسدونها ولا ريب أن بذل الأموال في شراء الدخان والشيشة أنه تبذير وإفساد لها فيكون منهياً عنه بدلالة الآية ، ومن السنة أن رسول الله e نهى عن إضاعة المال، وبذل الأموال في هذه المشروبات من إضاعة المال ولأن النبي e قال: "لا ضرر ولا ضرار" .([23])  وتناول هذه الأشياء موجب للضرر ولأن هذه الأشياء توجب للإنسان أن يتعلق بها فإذا فقدها ضاق صدره وضاعت عليه الدنيا ، فأدخل على نفسه أشياء هو في غنى عنها .اهـ .([24])

فكل هؤلاء العلماء قد اتفقوا على حرمة بيعه وشرائه وشربه والمعاونة عليه بأي وسيلة كانت، واتفقوا على أن الصلاة خلف شارب الدخان صحيحة لكنها مكروهة، يعني أنه يجب على المسلمين أن يُعيّنوا لهم إماماً للصلاة من غير هؤلاء المبتلين بشربه لأنه ما دام شربه على العامة محرم فحرمته إذاً على المشايخ وأئمة الصلاة تكون أشد والله تعالى أعلم.
وأخيراً نقول إذا كان هذا في حق الرجال فإن الحكم في حق النساء أشد وأقوى لحرمته أولاً ، وثانياً لأنه يشوه جمال المرأة، ويغيّر لون أسنانها، ويجعل رائحة فمها كريهة مع ما يجب أن تكون عليه المرأة من أنوثةٍ وحسنٍ كما أراد الله سبحانه وتعالى لها.
تدعو النقابة العالمية جميع المدخنين في العالم في كل الأعمار للإحتفال الكبير بالوبيل الذهبي لتدخين
كل مدخن مرشح للفوز بأحد الجوائز الآتية
  الجائزة الأولى
أحدث أنواع التلوث السرطاني وأورام مخية متعددة والشلل وضغط الدم وداء الربو وسرطان الرئة .
  الجائزة الثانية
التهاب كبد خاص جداً والألتهاب الشعبي
  الجائزة الثالثة
انتفاخ الرئتين والتهاب اللثة وكذلك أمراض القلب الروماتيزمية
كما أنه لديك أيه المدخن فرصة الفوز بإحدى جوائز الترضية مثل
 تلطخ الأسنان وحالة فقدان الشهية ولا تنسى انتفاخ اللثة
وتذكر أنة كلما ازدادت أعمدة الدخان المنبعثة منك كلما ازدادت فرصتك في الفوز بآلاف الجوائز الخرافية لذلك دخن فربما تكون أنت الفائز
أخي المسلم الغيور على دينه ألا يكفيك قول الله عز وجل في تحريم الدخان: ]وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً[.النساء الآية (29).  وقوله تعالى: ]وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ[.([25])

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار".

 فإن كنت ترى أن التدخين من الخبائث فإنه محرم بنص الآية وليس مكروهاً كما يظن الكثير من المخادعين لأنفسهم والله خادعهم، وإن كنت تعتقد أن التدخين من الطيبات فلماذا تعاقب أخاك الصغير أو ابنك عندما تراه يدخن خلسة ولا تعاقبه إذا رأيته يشرب كوباً من اللبن...


قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي في منظومته (نصيحة الإخوان عن تعاطي القات والشمة والدخان)( ص 5-6)واصفا شجرة الدخان: داء عضال ووهن في القوى ولها

ريـحٌ كريـهٌ مخلٌّ  بالمـروآت

سألتهم أحلال هذا الشراب لكـم 

 مـن طيبـات أحلَّت بالـدّلالات

أجابني القوم : ما حلّت ولا حرمت ، فقلت :

لا بدّ من إحدى العبـارات

أنافـع أم مضـري بيّنوه لنــا    

قالـوا : مضرّ  يقينا لا ممـارات

قلنـا : فلا شك أن الأصل مطردٌ

بأنـه الحظر في كل المضـرات

       أليس في آية الأعراف مزدجـرٌ       

لطالـب الحقّ عن كل الخبيثـات

إن تنكروا كون ذا منها فليس لكم      

إلا ببرهان حـقٍّ واضـح يأتـي

أنّى لكم ذا و أنتم شاهدون  بتخدير    

يليــــه و تفتيـــر لآلات  

و النهي جاء عن  التبذير متضحاً     

وعن إضاعة مال في البطـالات

جـاءت بـذلك  آيـات  مبينـة    

مع الأحاديث من  أقوى الدلالات

فكيف إحراقه بالنار جـاز لكـم  

يا قوم هل من مجيب عن سؤالاتي

دع ما يريبك يا ذا اللبِّ عنك إلى     

مـا لا يريبك في كلِّ  المهمـات

+@ +

الخاتمة

أخوتي الكرام وبعد أن قرأنا وعلمنا من النصوص الشرعية من الكتاب والسنة ، حرمة التدخين ، ومن قبله حرمة حلق اللحية ، فعلى المسلم أن يمتثل لأوامر الله تعالى وأمر رسوله e والتي هي من الله تعالى، قال الله تعالى عنه :  ]وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى[ .([26])
 فلابد أن ترجع إلى الله وتستعين به وتدعوه كي يخلصك من تلك المعصية التي إن أصررت عليها حولتها إلى كبيرة.
 وبهذا تم البحث والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وأرجو الله أن تكونوا قد انتفعتم به، وأن تعملوا به. وأن يعم به النفع .وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد إن لا إله ألا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
وصلى الله وسلم على قدوتنا ونبينا واُسوتنا وحبيبنا سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين


 كتبه / أبو أنس العراقي
                                              ماجد بن خنجر البنكاني

+@ +



([1]) آل عمران الآية (102).
([2]) الأحزاب الآية (70-71) .
([3]) رواه مسلم برقم (261) وأحمد برقم (6/137) وأبو داود برقم (53) والترمذي برقم (296) والنسائي (8/126ـ127) ، وابن ماجة برقم (293) والدارقطني برقم (1/95) والبغوي في شرح السنة (205) ، والبيهقي في السنن الكبرى (1/52،53) .
([4]) القاموس المحيط (4/387) ، وكذلك الحافظ ابن حجر قال مثله في الفتح (10/350).
([5]) جواهر السنة في إعفاء اللحية ، وانظر آداب الزفاف للشيخ الألباني (ص120).
([6]) رواه البخاري برقم (5892،5893) ، ومسلم برقم (259).
[7]) ) إشعار الحريص على عدم جواز التقصيص .
([8]) رواه مسلم برقم (259) وأحمد برقم (2/52) والترمذي برقم (2913) و (2914) والبيهقي (1/151) في سننه.
([9]) رواه مسلم برقم (260) وأحمد (2/366).
([10]) النور (63).
([11]) الإحياء (1/144).
[12]) ) غذاء الألباب .
[13]) ) البقرة الآية (172) .
([14]) رواه مسلم.
([15]) سبق تخريجه.
([16]) رواه أحمد عن ابن عباس، وابن ماجة عن ابن عباس وعبادة رضي الله عنهما، صحيح الجامع برقم (7393)، والسلسلة الصحيحة برقم (250) والإرواء (888).
[17]) ) الفتاوى (ص1) .
([18]) الخمر وسائر المسكرات ( ص 162).
([19]) رواه أحمد في المسند وابو داود في سننه. الضعيفة(4732)،ضعيف الجامع الصغير(6077)،المشكاة(3650).
[20]) ) معالم السنن الجزء الخامس .
[21]) ) البقرة الآية (195) .
[22]) ) النساء الآية (5) .
[23]) ) صحيح الجامع برقم (7517) .
[24]) ) فتاوى الشيخ ابن عثيمين .
[25]) ) البقرة الآية (195) .
[26]) ) سورة النجم الآية (3-4) .