الجمعة، 22 نوفمبر 2013

مجموع أحاديث منهاج الأصول


مجموع أحاديث منهاج الأصول
==============================
من نظم
 الدكتور
عبد الجبار فتحي زيدان

الطبعة الثالثة
الموصل

         1432هـ                       2011م


اسم الكتاب : بين الماضي والحاضر/قصائد إسلامية
اسم المؤلف : الدكتور عبد الجبار فتحي زيدان

نشـر وتوزيـع
مكتبة الجيل العربي
لصاحبها: ذاكـر خليـل العلـي
الموصل – شارع النجفي
ص.ب: 2104
هاتف: 770977
Email: thakeralali@yahoo.com




رقم الإيداع في دار الكتب والوثائق ببغداد
(805) لسنة 2009


بسم الله الرحمن الرَّحِيمِ، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مَـلِكِ يَوْمِ الدِّينِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله، وخاتَمِ النَّبيين، وعَلَى آلِهِ وأصْحابِهِ أجْمَعِين، من الأنصارِ والمهاجرين، والذين اتبعوهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين
    وبعد، فهذا ديواني : بين الماضي والحاضر/قصائد إسلامية، أسأل الله، جلَّ شأنه، أن يتقبَّله منِّي عملاً خالصًا لوجهه الكريم، اللهمَّ آمين.
   

مقدمة
قيل بأن القصيدة ما كانت مؤلفة من عشرة أبيات فأكثر، فإذن هذه قصائد إسلامية صدرت من ناظمٍ لا من شاعر، نظمٌ من وحْي مطلع هذا القرن باستثناء قصيدتين هما "هذا الدين، واغتنم شبابك  في طاعة الله"، فقد نُظمتا في الثمانينات من القرن الماضي، أما باقي القصائد فهي من بنات هذه الأيام والساعات التي نعيشها، العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، صدرت من قلب يعيش في البلد المنكوب في دينه ودنياه، بلد هو جزءٌ من
الأمة التي تُبتلى الآن في عزتها وكرامتها التي تتداعى عليها الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها تغزوها جيوش هذه الأمم الضالَّة وأفكارها من شرقها وغربها، ومن شمالها وجنوبها، ومن الداخل والخارج، ومن الغريب والقريب، يأتيها الموت من كل مكان وما هي بميتة سُلِبَ منها كل شيء ولم تبقَ لها إلا يدان لم تُبترا  لحد الآن لرحمة الله بها،
يدان لم تبسطهما وتستخدمهما للعمل والبناء ولكن لترفعهما إلى السماء، تتضرع إلى الواحد الأحد، ترجو أن يفرج الله عنها ما ألَمَّ بها من كُرَبٍ تتناحر فيها أمواج المجون والمعاصي فأنَّى لهاتين اليدين أن تتسلما رسائل وعدٍ بالفرج، لقد اكتظت القنوات المحلية والفضائية العالمية بالمجادلات والمناظرات والمحاورات لتبين ما سبل النجاة والخروج من محن  ظلماء و عواصف هوجاء فتضاربت الآراء وتاه مفكرو هذه الأمة بالعثور على دواء يداوي جروحها ،وهذا الدواء بين أيديها ومسطر في قرآنها (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ){الرعد : 11} فهذه سنة الله، ولن تجد لسنة الله تبديلا، ولن تجد لسنة الله تحويلا، إنَّا نخشى أن نكون كما كان بنو إسرائيل (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا){الجمعة : 5}
ومهما يكن من أمر ما نعاني فإن هذا العناء أمسى يغرس لنا الآن بذور الفرج والعاقبة للمتقين، والعاقبة لا تكون إلا لأمة محمد (صلى الله عليه وسلم) سيد الأنبياء والمرسلين وإمام الأولين والآخِرين وإنَّ  هذا الفرج لآتٍ وقريب بإذن الله تعالى.


الغريق الظمآن
البحر الكامل( )
بعد الهُدى حَكَمَ الغُثاءَ الغُولُ
        ببلادنا والحاكمُ المخبولُ( )

مُتَهَوِّرٌ في رأيِهِ مُتَغَطْرِسٌ
        في حُكمِهِ ومُتَيَّمٌ مَتْبُولُ( )

وَمَنِ استذَلَّ لِعَسكَرٍ مُتَجَبِّرٍ
        ولِعجزِهِ مُتَحَيِّرٌ مذهولُ

عِفْنا الهُدى فغَدا يُرَوِّعُنا دبيـ
        ـبُ النملِ والعَنْقاءُ والمجهولُ( )

مِن بعد تركِ الدينِ خلف ظهورنا
        ضاع التراثُ الفكرُ والمنقولُ( )

وعلى قفاها الأُمَّةُ انقلبتْ وشا
        عَ المبدأُ المترنِّحُ المهزولُ

ولقد فَشَتْ دورُ الصِّبا ورجالُها
        في الجهلِ ساوى السائلَ المسؤولُ( )

وأقابلٌ شتّى فشتْ وأشاعَ سفْـ
        ـكَ دمائِنا ما بيننا قابيلُ( )

شَلّتْ شرائعُ ماجنينَ ومَنْ بها
        بقيودها قد سادنا المكبولُ( )

أنَّى على الأقدامِ يوقِفُ أُمَّةً
        مشلولةًً : المَبْدأُ المشلولُ

وملوكُها مشغولةٌ بعروشها
        وبكلِّ بلوى شعبها مشغولُ

أسمارهم وحِوارهم وحديثهم
        مَنْ صاحبي المذبوحُ والمقتولُ( )

يا غَرْبُ يا مَنْ نَهجُكم ببلادِنا
        السِّجنُ والتَسليبُ والتنكيلُ

في كلِّ يومٍ تصطلي بجحيمكمْ
        ا لقدسُ أو بغدادُ أو كابولُ

زَهْقُ النفوسِ بريئةً بسلاحكمْ
        أَهَوَ الذي وصّى به الإنجيلُ؟!

أمْ قَصْفُ دور الآمنين وهَدْمُها
        هو عادةٌ بدِمائكمْ مجبولُ ؟!

حَمّلتُمو أكبادَنا وشيوخَنا
        مِمَّا ينوءُ بحملهنَّ الفيلُ( )

إنَّا لنا سِتْرُ الرؤوفِ ولُطْفُهُ
        ولِجَمْعِكُمْ مَوتٌ وعزرائيلُ

كَمْ مَرَّةً عُدتُمْ لِتُقْبَرَ أُمَّةٌّ
        هيهاتَ يُقبَرُ ما أتى جبريلُ

يا ويلكمْ فستعلمونَ غداً إذا
        ما سُلَّ مِن أغمادنا المسلولُ

ودعا ونادى للجهادِ مُؤَذِنٌ
        أنْ لا ُيُفَرِّقَ شملَنا تأويلُ( )

وحدا بنا يوم الوغى شُهداؤُنا
        الأبرارُ والتكبيرُ والتهليلُ( )

ألِمَجْلِسِ الخُذلانِ نُسندُ أمرَنا ؟!
        أينوبُ عن أعراضنا المخذولُ ؟!

أعَلَى ذوي الأفهامِ أَشْكَلََ حَقُنا ؟!
غَوَتِ الشعوبُ فغشَّنا ظلماتُها
        ا لمفهومُ والمعلومُ والمعقولُ
مِن كلِّ جَنْبٍ لَيلُها مَسْدولُ( )

لِنَلُذْ بقُرآنٍ حروفُ سطورهِ
        الفجرُ والأنهارُ والقنديلُ

وإذا طما الطوفانُ حول ديارِنا
        فهي المواخرُ فيه والأُسطولُ( )

لن يُدركَ الأحفادُ مَجْدَ جدودهمْ
        إلاَّ بما أوحى بِهِ التنزيلُ( )

ما شَيَّدتْ مجدَ الجدودِ معازفٌ
        بلْ سجدَةُ الأَسحارِ والترتيلُ

ذا حُكْمُ مَنْ بَرَأَ النسائم كُلَّها
        لَيسَتْ لسنَّةِ رَبِّنا تبديلُ( )

دينٌ بهِ حَلٌّ لِكُلِّ بَلِيَّةٍ
        وبهِ لِكُلِّ قَضيَّةٍ تَفْصيلُ

كم منْ دواءٍ قدْ شَفى عِلَلَ العِدى
        هو من هُدَى إسلامنا منقولُ

بل كُلُّ نورٍ قد أنارَ شريعةً
        هو نورُنا المنسوخُ والمنحولُ

فبِـرايةِ القرآنِِ قومُ تَعُزُّ أمْـ
        مَتُنا، هي المُستقبلُ المأمولُ

فبِها دُهورًا عَزَّ صَحْبُ مُحَمَّدٍ
        وكذا بها سَيَعُزُّ هذا الجيلُ

وبها تُُُنارُ دُروبُنا وبها يُدا
        وى جُرحُنا وفؤادُنا  المعلولُ

وبها يُعانِقُُ بعد طول تناحرٍ
        بَرَدَى ودِجْلَةَ والفراتَ النيلُ( )

قالوا بأنَّ نجاةَ أُمَّتِنا بما
        قد شَرَّعَ المُسْتَعْمِرُ المسؤولُ

أَلأُِمَّةِ القرآن قال سفيهُها
        إنَّ الدواءَ لدائِها مجهولُ

عَجَبَاً أَتبحَثُُ حَلَّ عُقْدتها وفي
        قُرآنها إشكالُها محلولُ؟!

قَدْ قالَها مِنْ قَبْلُُُ شاعرُ أُمَّةٍ
        أعمى بنيها الجهلُ والتَّضليلُ

"كالعيسِ في البيداءِ يقتلها الظَّما
        والماءُ فَوق ظُهورها مَحمولُ"( )


أُمُّ القُرى
البحر البسيط( )
أنعِمْ بأرضٍ وإنْ لم تَسْقِها الدِّيَمُ
 جج        فقد سقاها العُلا والمجدُ والكَرَمُ( )

أرضٌ بها كعبةٌ كانت وما فتئتْ
        بأمْرِ ربِّ الورى تَؤُمهُّا الأُمَمُ( )

وصَخْرَةٌ جَلََّ مَن في الأرض أَنزلها
        وغارُ إقْرأْ وبدرُ النصْرِ والحَرَمُ

وقَبْرُ أشْرَفٍ خَلْقِ الله كُلِّهِمِ
        وَيْلٌ لِقَومٍ جَفَوا هُداهُ وَيْلَهُمُ

مُحَمدٌ للورى الحياةُ والرَّحِمُ
        وغيره لهمو الدمارُ والصَّنَمُ( )

بأمْرِمَنْ بَرَأَ العَرْباءَ والعَجَمَا
        عليهِ فرْضاً تُصَلّي العُرْبُ والعَجَمُ( )

أيا نبيَّ الهُدى كانت وما بَرِحَتْ
        بِحُبِّكَ القلبُ والأشواقُ تضطَرِمُ( )

مُحمّدٌ : كان إنْ رآهُ مكتئبٌ
        يَنْسَ الكئيبُ كروبهُ ويبتَسِمُ

مُحَمَّدٌ، لم يَمُتْ : يَبقى لأُمَّتِهِ
        المَنْبَعُ العَذْبُ والأنوارُ والعلَمُ

فإنْ همو غيَّروا أو بَدَّلوا ندموا
        وإن هَمـو يقتفـوا آثـارَهُ سَلِمُـوا( )

إذْ لَم تَلدْ أمَّةٌ قَطٌّ ولَنْ تَلِدَا
        كأحمَدٍ تَمَّ فيه الخَلْقُ والشِّيَمُ( )

تَكْدو القَوافي إذا انبَرَتْ لِتنعتَهُ
        ويَبْكَمُ الفِكْرُ والخَيالُ والقَلَمُ( )

مِنْ طيبة انطلق الأصحابُ وانتشروا
        بِحزْمِهمْ باتَ صَرحُ الكفْرِ يَنْهدِمُ

لكي يَرى شَرقُنا والغَربُ نُورَهُمُ
        راحَ الصِّحابُ أجَلَّ الخَطْبِ تَقْتَحِمُ( )

كانوا لدى السِّلْمِ كالجبالِ راسخةً
        وفي المعارك كالأمواج تَلْتَطِمُ

كانوا أُسُود الوغى في كلِّ مَلْحمةٍ
        منهم تَفرُّ العِدى كأنَّها غَنَمُ

صَدُّوا سُيولاً مِن الطغيان عاتيةً
        لم يوهنِ العَزْمَ مِنهم سيلُها العَرِمُ( )

زاحوا جبالاً من الإشراك راسخةًًً
        كما تَزيحُ دُمًى حقيرةً قَدَمُ

ساحوا بِلاد العِدى تحدوهمو هِمَمُ
        كأنَّ أهْوَنَها البُركانُ والحُمَمُ

ساحوا ولمَّا حُصونَ خَصْمِهُمْ فتحوا
        لَمْ يَظلِموا مَنْ لَهُمْ دانتْ رِقابُهُمُ

بل خاطَبوهُمْ : هَلُمُّوا أيُّها الذِّمَمُ
        بِـ ( لا إلهَ سوى الرَّحمنِ) نَحْتَكِمُ( )

إن لم يكُن غَنِمُوا الدُنيا وزُخْرَفَها
        فإنَّ رضوانَ ربِّ العَرْشِ قَدْ غَنِمُوا

هذي مبادؤُنا ما مَلَّ طالبُها
        أنَّى تُمَلُّ بُدوُر اللَّيلِ والدِّيَمُ

فهْيَ الأماني ونَبْضُ القلْبِ والرَّحِمُ
        وأطْرَبُ اللَّحْنِ والأوتارُ والنَّغَمُ

جُذورُهُنَّ هنا في الأرضِ راسخةٌ
        وجَنْبَ نجمِ السَّما الأفنانُ تَنْتَظِمُ( )

النَّاسُ في ظِلِّها شَيْخٌ ومُستمعٌ
        وفي سواها هُمُو قاضٍ وَمُتَّهَمُ

أَعْظِمْ بِهِنَّ بِهِنَّ عَزَّ أهْلُ خِبا
        وبالحياةِ تفجَّرَتْ رمالُهُمُ

فالعُرْبُ فيها همُ الصقورُ والقِمَمُ
        وهُمْ إذا بدَّلوا القرودُ والقُمَمُ( )

فَلْنَرْتَديها لتقتدي بنا الأُمَمُ
        فيها نكونُ وفي خُذْلانها العَدَمُ

مبادىءُ الغَرْبِ إنْ بها الورى انبهروا
        فإنَّها الطيفُ والخيالُ والوَرَمُ

لن يُفْلِحَ العُرْبُ قَلَّ العُرْبُ أم كَثُروا
        إنْ لم يَعودوا بحبلِ الله يعتصموا

فليس إلاَّ بِهِ يُشْفُوا جُروحَهُمُ
        وليس إلاَّ بِهِ القلوبُ تلتَئِمُ( )

مِن قَبْلُ فيه استفاق العُرْبُ وانتفضوا
        مِنْ بعدِ ما طال لَيلُهُمْ ونَومُهُمُ

واليومَ في نَقْضِهِ حلَّتْ بنا مِحَنٌ
        بل قد جَرَتْ بيننا جماجِمٌ ودَمُ

قد طال ما خَذَلَ الأعرابُ بَعضَهُمُ
        عن نُصْرَةِ الدين والإخوان قَدْ سَئِموا

وطال ما هادنوا العِدى وبينَهُمُ
        في كُلِّ يومٍ سيوفُ الغَدْرِ تلتَحِمُ

وفَوقَهم جَثَمَ العِدى لأنَّهُمُ
        على حُطام الدُّنى ولَهْوِها جَثَموا

يا ويحنا خَدَمًا صِرنا لِمَنْ زَمَنًَا
        بل أدْهُرًا هم لنا الأتباعُ والخَدَمُ

سيوفُنا عند نَصْرِ الله قاطعةٌ
        وكلُّ سيفٍ لنا من دونِهِ ثَلِمُ

إن نَنصُرِ اللهَ إنَّ اللهَ ناصرُنا
        إذْ مِنْ عِدانا جنودُ الله تنتَقِمُ

فالطيرُ قد هَدَمَتْ أحلامَ  مَنْ قَدِموا
        بجيش أفيالهم كي يُهدَمَ الحَرَمُ

وبعدها دَحَرَ الأحزابَ جَمْعَهُمُ
        قَتامُ عاصفةٍ هوجاءَ والدِّيَمُ( )

أُمُّ القُرى شاع فيها الأمْنُ والكَرَمُ
        وشاع في غيرها الأقفاصُ والتُهَمُ



سفينة الشعوب
البحر الكامل( )
عِفّي: حِجابُكِ رِفْعَةُ وبَهاءُ
        وَكَرامَةُ وشَجاعةُ وإباءُ

إنْ كانَ أهمَلََ ذِكْرَكِ الشعراءُ
        وسَعَتْ لِحَطِّ مَقامِكِ الغَثْراءُ( )

فإليكِ قَدْ تاقَتْ نجومُ سمائنا
        وتَناقلَتْ أنْباءكِ الأجْواءُ )

لا تَأبَهي بِِهُمو فهمْ إمَّا لئيـ
        ـمُ الكَعٌ عاداكِ أو لَكْعاءُ( )

ببلادنا سادتْ أراذلُ مِلَّّةٍ
        زُعماؤُها عِلْجٌ طَغى وإماءُ

ومناهجٌ وضعيةٌ ومبادىءٌ
        جُلَُّّ الذي فيها صَدى وهُراءُ( )

فَغَدَتْ شمائلُنا تَسَاقَطُ مِن أسىً
        فوق الثرَى أوراقُها الصفراءُ

وتكاد تقضي نَحْبَها فتموتُ تَتـْ
        رى بعدها الأحياءُ والأشياءُ( )

وهُدَى الكتاب هو السِّراجُ لِغَرْسِها
        ورُبَى ربيعٍ والهوَى والماءُ( )

فهو الحياة وما سواه مهالكٌ
        كُثْبانُ رملِ البيدِ والأوباءُ( )

أمواتُ نَحْنُ بِلَهْوِنا ومُجونِنا
        لكنَّنا بحيائنا أحياءُ( )

حوَّاءُ إنَّكِ بالعفاف مشاعرٌ
        لحياتنا وقصيدةٌ حذّاءُ( )

ونسيمُ أخلاقِ الشعوب وظِلُّها
        بسواهُ أنتِ النارُ والرمضاءُ( )

عِفّي يَعِفُُّ بذي العَفافِ شبابُنا
        ولئنْ ضَلَلْتِ لضلَّ فيكِ غُثاءُ( )

وغوَى الفتى وغوَى الشيوخُ تصابيًا
        ثم اقتدتْ بكِ جارةٌ ونِساءُ

ولَهَامَ فيكِ الجُنْدُ والأُمَراء
        والجَدُّ والأبناءُ والآباءُ

فتكسّرتْ بكِ أُمّةٌ وتهشّمتْ
        أخلاقها وتقهقرَ الخُطَباءُ

وغدوتِ في وَسَطِ الهشيمِ شرارةً
        منها فشتْ نارٌ وعَمَّ بَلاءُ

لا تنطفي حتى يُراقَ لِخَمْدِها
        ماءُ العفافِ وغيرةٌ وحَياءُ( )

لا تصحبي  إلاَّ فواضلََ ماجدا
        تٍ أوعَدَتْكِ العَنْزةُ الجرباءُ

كوني كما كانت سُمَيَّةُ أُمَّةً
        رَكَعَتْ لمجدِ إبائها السفهاءُ

أو كاللواتي باسْمِهِنَّ تَزَيَّنَتْ
        وتباهتِ الألقابُ والأسماءُ

وخديجةُ الكُبْرَى وبعضُ نجومها
        أسماءُ والخنساءُ والزهراءُ

حوَّاءُ إنَّكِ بالعفافِ مَنارةٌ
        والفَرْقَدُ القطبيُّ والجَوزاءُ( )

فبِهِ الهوَى ينمو ويَيْنَعُ قيسُهُ
        وبدونهِ بدنُ الهوى أشلاءُ( )

أشلاءُ ينهشها صِبًا عُمَرِيةٌ
        أشعارُه وكلابُهُ الأنضاءُ( )

عفّي وإلاّ حَفَّ دَرْبَكِ في الحيا
        ةٍ الذِّلُُّ والتشريدُ والظَّلْمَاءُ

كمْ بالتَبَرُّجِ عَبْرَ كُلِّ وسيلةٍ
        كم مَرَّةً لَعِبَتْ بكِ الأهواءُ( )

عِفِّي لكي تَسْقي قِفارَكِ سُنّةٌ
        للمصْطَفى وشَريعَةٌ غَرَّاءُ( )

فإذا القفارُ مَرابِعٌ وجنائنُ
        وجَداولٌ وحَدائقٌ غَنَّاءُ )

عِفِّي وإلاَّ فالمُجونُ غبارُهُ
        ذرعاً بِهِ قد ضاقتِ الأجواءُ

فهو الدُّجى وثعالبٌ بشرية
        وزلازلٌ وعواصفٌ هوجاءُ

وهو الشِّباكُ  مصائدًا وكمائنًا
        حوّا وأنتِ حَمامةٌ ورْقاءُ( )

وهو الضريع وأنتِ منذ شيوعِه
        بين الضريع النبتةُ الخضراءُ( )

ثوب المُجون وإنْ بدا مُتَجَمِّلاً
        فهو السراب ودِمْنَةٌ خضراءُ( )

وبنتنِهِ ماتتْ شمائلُ أُمَّةٍ
        وعلى العروش تربَّع اللُّئَماءُ( )

لمَّا فشا شاعت بجوِّ سمائِنا
        صَقَرٌ وغِربان النَّوى وحِداءُ( )

لمَّا طغى حلَّتْ بكل قُرَى الحِمَى
        غَضَبُ الحليم وفتنةٌ عمياءُ( )

وبكلِّ بيت من بيوت بلادنا
        لَطْمُ الخدود ومَيْتَمٌ وعَزاءُ

لا تنجلي إلاَّ إذا رجعتْ إلى
        الله القُرَى والروحُ والحوباءُ( )

حوّاءُ إنكِ بالعفافِ شُمُوخُنا
        وذُرَا العُلا والعِزَّةُ القَعْسَاءُ( )

وسفينةٌ تجري ببحر حياتنا
        وبِهِ مقامُكِ مريمُ العذراءُ

فبدونهِ يا أُمُّ أنتِ ومَنْ أَوَتْ
        سوقُ النَّخاسَةِ في المَقامِ سَواءُ( )

عِفِّي وإنْ ما هامَ فيكِ مُراهقٌ
        فبكِ المآثرُ هِمْنَ والعَلْياءُ( )

عِفِّي لَئِنْ لَمْ يرْضَ عنكِ ملوكُنا
        لَكَفاكِ مِنْ رَبِّ الملوكِ رِضاءُ( )





قَدَرُ أُمَّةِ القرآن
البحر البسيط( )
فِيمَ الحَياةُ وإنْ طالَ بها العُمُرُ
        وليسَ فيها أبو بَكْرٍ ولا عُمَرُ

ولا الحَيِّيُ أبو النورين والكَرَمِ
        ولا عَلِيٌّ ولا مَن  للهُدى انتصروا

وأُمَّةٌ أهملََ الفُرْقانَ قائدُها
        ونَهْجَ مَنْ قد مَشَتْ بجاهِهِ الشَّجَرُ

مَشَتْ لخِدمتِهِ والتَأَمَتْ وَلَهُ
        شَوقاً بَكى الجِذْعُ والأوطانُ والدَّهَرُ

وانشقََّ بَدْرُ الدُجى والنَّاسُ شاهدةٌ
        وباسْمِهِ سَلَّمَتْ وَحيَّتِ الحَجَرُ( )

وكان أصحابُهُ إذا اشتكوا ظَمَأًً
        فَمِنْ أصابعِهِ المِياهُ تَنْهمِرُ( )

أنّى لأُمَّتِهِ إنْ بدَلَتْ بهما
        مَنْ لَيسَ في حُكْمِهِ رَأْيٌ ولا نَظَرُ

أنّى لها أن تَرى نورًا مَسالِكُها
        أَنّى وَقَدْ غاب عَنْها الشََّمْسُ والقَمَرُ

تِهْنا بِهَجْرِ الهُدى فتاهتِ البَشَرُ
        وشاعَ في جوِّها القَتَامُ والكَدَرُ( )

وأَطْبَقَ الظُلْمُ فَوقَ الناس قاطبةًً
        ظُلْمُ الطواغيتِ لا يُبقي ولا يَذَرُ( )

ويومَ ساد الهُدى الأريافَ والمُدُنا
        واسْتَمْسَكَ البَدْوُ بالتنزيلِ والحَضَرُ

عاشتْ بجنبِ الذئابِ الشَّاةُ آمنةً
        وغازلَ النَسْرَ والحَمامةَ الصَقَرُ

دينٌ بِهِ اسْتيقظَ الأَعرابُ راقدةً
        في بيدها والأُلى كانوا قد احْتُضِروا( )

دينٌ بِهِ الصُمُّ والبَكْماءُ قد نَطَقَتْ
        وعادَ للعُمْيِ كلُُّ النورِ والبَصَرُ( )

تَرْقى بإسلامها العَرْباءُ والعَجَمُ
        وإنْ تَوَلَّوا ففي الوديانِ تنحَدِرُ

ففيهِ يشتدُُّ بأْسُهُمْ وساعِدُهُمْ
        وفيِه إنْ ناطحوا الجبالَ تنفَطِرُ

يا عُرْبُ يا عُجْمُ يا أحفادَ مَنْ بِهُمُ
        الشَّرْقُ والغَرْبُ مُعْجَبٌ ومُنْبَهِرُ

تَوَحَّدوا وبحَبْلِ الله فاعْتصِمُوا
        لِتصنعوا ما بِهِ الأبناءُ تفتَخِرُ

ففيهِ نجتازُ ما نُصابُ مِن مِحَنٍ
        وكلُُّ قٌيْدٍ بأيدي النَّاسِ ينكَسِرُ

وفيهِ ما يهتِكُ الأعراضَ ينحَسِرُ
        وفيه تسمو قضايانا وتزدَهِرُ

فالصَّخْرُ لو بَلَّ قرآنِ الهُدَى رَشَفَتْ
        تفجَّرتْ بالعيونِ تِلْكُمُ الصَّخَرُ( )

فكيفَ لو نالنا مِن غيثِهِ قَطَرُ
        بلْ كيف لو نالنا مِن غيثهِ مَطَرُ

فأيُّ دينٍ سوى الإسلامِ ينصُرُنا
        وأيُّ عِزٍّ سوى القرآنِ ننتظِرُ

فهْو الربيعُ وغيثُ السَّحبِ هاطلةً
        لا عينَ من دونهِ تجري ولا نَهَرُ

وَهْوَ الحياةُ وروحُها وجوهرُها
        وما سواهُ هو الأشكالُ والصُّوَرُ

بَنَى رجالاً وإنْ كانوا مِن البشَرِ
        لم يرتقي ما ارتقَوا جِنٌّ  ولا بشَرُ( )

سمَوا بإيمانهم ومِن تواضعهم
        فوقَ النجومِ تَربَّعُوا وما شَعَرُوا

دينٌ بأنوارهِ قد حُرِّرَتْ أُمَمٌ
        وحُرِّرَ العبدُ والأوطانُ والفِكَرُ

ما عزَّ إلاَّ به الأسلافُ قبلَكُمُ
        لذا بمَنْ قبلَكمْ يا عُرْبُ فاعتبِروا

فيومَ أنْ جَعَلُوا القرآنَ رايتَهُمْ
        ضاءتْ بِهِمْ عُتْمَةُ الأيَّامِ والسَّحَرُ( )

وما سرى ليلُنا بل ظلَّ منتَشِرًا
        مِن يومِ رُدُّوا على الأعقابِ واندحَرُوا

عمَّ البلاءُ وقد حلّتْ بنا فِتَنٌ
        لفُسقِ مَنْ بفجورهم ضُحىً جَهَرُوا

شاع الفسادُ ومن شرور ما صنعُوا
        لم تسلمِ الأرضُ لا بَرٌّ ولا بَحَرُ

إمَّا بحُكْمِ هُدَى القرآنِ نحتكمُ
        أو بالضغائنِ والأثآرِ نستَعِرُ( )

فنحنُ فيهِ نسودُ الأرضَ طائِعةً
        ونحنُ من دونِهِ نُنْسى ونندَثِرُ

مَنْ رامَ خِطْبةَ أمجادٍ لينكَحَها
        فنَصْرُ قرآنِ ربِّنا هو المَهَرُ


فَلْتَفْهَمِ العُرْبُ ذا وَلْتَفَهَمِ العَجَمُ
        هذا هو الحقُّ بل هذا هو القَدَرُ
المنبر الطللي
البحر البسيط( )
تأمَّلاتي وأنا أرنو إلى أطلال شامخة ضاحكة ساخرة، بالملوك التي عمَّرتها من قبلُ وسكنتها في الأزمنة الغابرة

أأنـتِ أطلالُ دِمْـَنةٌ وأحجــارُ
        أم للملـوك أساطـيرٌ وأخبـــارُ( )

أأنتِ مَغْنى صَـبايانا وصِبْـيتـنا
        أم للطواغـيتِ تذكيـرٌ وإنـــذارُ( )

ما أنتِ فوق الرُّبى بكماءَ صامـتةً
        كـما يخالُـكِ سيـَّــاحٌ وزُوَّارُ( )


بل أنتِ في كلِِّ أرضٍ للورى حِـكَمُ
        تَتْرى وموعظـةٌ لـنا وأشـــعارُ( )

بل دون وعظكِ في الذكرى منابرُنا
        ودون شِعْركِ في الهجاء بشّارُ( )

بالأمس قد كنتِ بالتيجان عامــرةً
        واليومَ ها أنتِ للغِرْبان أوكــــارُ

يا مَنْ ملوكًا علينا صِرتمو اعتبروا
        إنَّ التمادي بحُبِّ العرش غدّارُ( )

إنْ تنصروا اللهَ تُشْغِلْ مَن ينابِذكمْ
        ما سخَّرَ اللهُ هزَّاتٌ وإعصارُ( )

أو تنشروا الفسقَ والفجورَ في البلدِ
        ينشرْكُمُ مِن بني الأقدار منشارُ

إن تبتغوا الأمنَ فالإسلامُ مأمنُكُمْ
        ففيهِ مِن قَبْلُ صِينَ العِرْضُ والدارُ

أو تبتغوا العِزَّ فالإسلامُ مصنعُهُ
        فسادةَ الأرضِ فيهِ البَدْوُ قد صاروا

أو تبتغوا المجْدَ فالإسلامَ فامتثلوا
        إذ مِنْ مآثرِهِ جبريلُ والغارُ

فمِنْ حَراءٍ وثَورٍ منهما انبثقتْ
        شمسُ الحياةِ وأنهارٌ وأنوارُ( )

خيرُ الأنام وصحْبٌ لا نظيرَ لهم
        بََكْرٌ وعِثما وفاروقٌ وكَرّارُ

كانوا هداةً وآسادًا بدينِهُمُ
        وليس مِن بينهم وغْدٌ وخوّارُ

كانوا إذا كَبَّروا انهارتْ أمامَهُمُ
        حُصْنٌ وجيشٌ عَرَمْرَمٌ وجَرّارُ

كانوا إذا كبّروا اختفتْ خصومُهُمُ
        كما اختفتْ من زئيرِ ضَيْغَمٍ فارُ( )

والصبرُ أرسى بلالُنا قواعدَهُ
        وياسرٌ وسُمَيَّةٌ وعَمَّارُ

وَمَنْ بسيرتهم قَدِ اقتدتْ أُمَمٌ
        عَبْرَ العصور وحُكّامٌ وثُوّارُ

ومَن بمبعثهِ مِن قَبْلِ مولِدِهِ
        قد بشَّرَتْ قُسُسٌ تَتْرى وأحبارُ


في أندلسِ الأمسِ ما زالت معالمنا
        يزورها من بلاد الغَرْبِ زُوَّارُ

بل في مشارقها وفي مغاربها
        لنا بِهِنَّ حضاراتٌ وآثارُ

هذي مآثرنا وما مآثر مَن
        قد بدَّلوا الدينَ إلا الخِزْيُ والعارُ

منها حزيرانُ لا تُنْسَى هزائمها
        إلا إذا قادنا حُرٌ ومِغْوارُ

قد حَرَّرَ الدينُ قلبَهُ ومبدأَهُ
        لكي يقودَ بلادَ العُرْبِ أحرارُ

إنَّا بترك الهدى زانٍ وخمّارُ
         قد ساسنا أو قليلُ الفعلِ مِهذارُ( )

ليست لِمَنْ تهجُرُ الإسلامَ أنوارُ
        لا نورَ إن لم ترَ السِّراجَ أقمارُ


فكلُّ حُكْمٍِ سوى القرآنِ مهزلةٌ
        وحاكمٌ لحقوق الناسِ مِنحارُ

أتأنَفُ الحُكْمَ بالإسلامِ شِرْذِمَةٌ
        دينٌ بهِ يَمَّحِي مِنْ أرضنا العارُ( )

بالعدل سالمةً تبقى عروشكُمُ
        لكنها بالصِّبا والظلمِ تنهارُ( )

فبالهُدَى والتُّقى تَزَوَّدوا فَغَدًا
        جميعُكُمْ أيُّها الملوكُ أصفارُ

كم من ملوكٍِ مَضَوا وقد طَغَوا حِقَبَاً
         إنْ ما قضَى ظالمٌ تَلاهُ جزّارُ

غابوا ولم يبقَ من آثارهم أثَرٌ
        إلا أحاديث شامتٍ وأسمارُ

ليعتلي العرشَ خيرُ الناسِ ذو حسبٍ
        من أجلِ أن تخلفَ الأخيارَ أخيارُ

وليسَ ذو خِسَّةٍ ومِنْ بني لُكَعٍ
        فيخلفَ الحاكمَ الشرِّيرَ أشرارُ

تفنى العروشُ ويفنَى صاحِ صاحبُها
        وحزْبُهُ ومَلَذَّاتٌ وأوطارُ

فالموتُ كأسٌ وكلُّ الناسِ ناهِلُهُ
        إذ ليس من خالدٍ إلا تُقىً وأذكارُ

كم مرةً بالأُلى هاموا بها غَدَرَتْ
        من بَعدِ ما عمَّروها هذه الدارُ

أين الطغاة الأُلى كانت عروشُهُمُ
        تجري بجنَّاتها عَيْنٌ وأنهارُ

فرعونُ موسى ونمرودٌ وآلُهُمَا
        ومَن بِغَى مِثْلَ بَغْيِهِمْ وعشتارُ( )

أفنى صُروحَهُمُ وكلَّ ما حَشَدوا
        إعصارُ طغيانهم صاحِ وأقدارُ

قد مَزَّق القومَ لمَّا أنْ طَغَوا إرَبًا
        سيفٌ مِن الواحد الجبّارِ بَتَّارُ( )

فتلكَ أطلالهُمْ للناس شاخصةً
        مِن أجل أنْ يرعوي لاهٍ وفُجَّارُ( )

أأنتِ أطلالُ في التذكير قَطْرُ نَدَى
        أم أنَّكِ الرَّعْدُ في الذِّكرَى وأمطارُ

ما زلتِ فوق الرُّبى تُرَيْنَ شامـخةً
        واليومَ مَن شيدوكِ في الثرى صاروا


أشخاصها عِبَرٌ لِمَنْ تأمَّلـَــــها
        كأنَّها صُحُفٌ تُتلـَــى وأســفارُ( )


قد أصبحتْ تعظُ الأجيالَ مُنْـذِرَةً
        أنْ ليس للناسِ يوم الحَـشْرِ أعذارُ( )

بكلِّ بِرٍّ تَزَوَّدْ يا فتىً فغَدًا
        إمَّا جِنانٌ بدار الخلْدِ أو نارُ








هذا الدين
البحر المتقارب( )
أيا راكضًا خَلْفَ كُلِّ سَرابِ
        لتُقْبِلْ إلى خيرِ هَدْيِ كتابِ( )

لدين المآثر يا عُرْبُ عودوا
        وأسمى المناقب في كُلِّ بابِ( )

جميلٌ وأدنى جمالِهِ بدْرٌ
        بليلاءَ يَسْطعُ بين رَبابِ( )


حليمٌ ومِنْ حِلْمِهِ الصَّفْحُ عمَّنْ
        أذاقوا النبيَّ أشدَّ العذابِ

وعمَّنْ لدى أُحُدٍ قطَّعتْ قلـ
        ـبَ عمِّ النبيِّ بضرْسٍ ونابِ

عزيزٌ قويٌّ وبعضُ قِواهُ
        ثباتُ سُمَيَّةَ ضِدَّ الرِِّهابِ

وثَبْتُ بلالٍ بوجهٍ سِياطٍ
        على جَمْرِ رَمْلٍ بيومٍ لُهابِ( )


 ثباتًا لَهُ عَجِبَتْ كلُّ شمسٍ
        وحيتانُ بحْرٍ وأفيالُ غابِ

وكلُّ أشَمٍّ وسَهلٍ ووادٍ
        وذو اللِبْدَتَينِ وعِيسُ اليَبابِ( )

سَلِ الشمسَ واليَمَّ والراسياتِ
        عن المصطفى آلِهِ والصِّحابِ( )

من الكائنات فَسَلْ ما تشاءُ
        فلن تُتْرَكَنَّ بغير جوابِ
 
تُجابُ وحينئذٍ سوفَ تجني
        حقائقَ تُحرِق كُلَّ ارتيابِ

ستجني بأَنَّ الصَّحابةَ كانت
        تَظلُّ سِغابا لأجل السِّغابِ( )

وكانت تُناغي سيوفَ الجهاد
        مناغاةَ وَلْهانَ ثدْيَ الكَعابِ( )

رعيلٌ لوصْفِهُمُ النَظْمُ يُصفِي
        ولن تُلفيَ النثرَ طَوعَ الجِنابِ( )

جبالٌ بلِ الشُّمُّ لو طاوَلَتْهُم
        لكانت بَدَتْ دونهم كالحَبابِِ( )

أُسودٌ بلِ الأُسْدُ لو نازلتهُمْ
        لفرَّتْ إزاهم فِرارَ الضِّبابِ( )

بأيْدٍ مِنَ الله عَزُّوا وسادوا
        الورى، لا بإعداد جيشٍ كُبابِ( )

بهم رحَبَّتْ كُلُّ أرض غزوها
         وكلُّ الوِهادِ وكُلُّ الهِضابِ( )

وأقدامَهُمْ قَبَّلتْ مثلما قبَّـ
        ـلَتْ بِكْرَها الأمُّ بعد اغترابِ

رعيلٌ أحَبُّوا الشهادة حُبَّ
        الظِّماءِ ببيداءَ عَبَّ شَرابِ( )

أحَبُّوا الشهادة في الله حتى
        أحَبُّوا المَنِيَّةَ دون ارتهابِ( )

فللهِ كانوا إذا قُدِّموا لار
        تداء لثامِ الرَّدى في الرِّقابِ( )

رآهم طغاةُ الورى كعروس
        يُزَفُّ ويَلْبَسُ أبهى ثيابِ

عن الناس غابوا ولم يتذكَّرْهُمُ
        ظالمو النَّاس بعد الغيابِ

ولكنْ تذكَّرُهُمْ كلُّ مظلو
        مةٍ كلَّما حان وقتُ النِّصابِ( )

رعيلٌ بإسلامهم نَوَّروا دَر
        بهم وأناروا جميعَ الدِّرابِ

فلولاه ظلوا قروناً رُكوعًا
        لدى لُكَعِ وأخِسَّا وِجابِ( )

بذا الدين بذُّوا سواهم وسادوا
        وصاروا نماذجَ في كلِّ بابِ

هُدَى الله مِن فوق سبْع أتانا
        به البيِّناتُ وفَصْلُ الخِطابِ

فيومَ هجرناه صاحِ أُصِبنا
        وكلَّ الشعوبِ أجَلَّ مُصابِ

تَهُبُّ المعالي سَحابا ولكنْ
        هُدَى الله مصدرُ هذا السَّحابِ( )

هو الشمس واليمُّ وَهْوُ الرِّياح
        فمنهُ السَّكُوبُ وقَطْرُ الذَّهاب( )

حِمَىً وأبًا للفضائل كانت
        وأُمًّا شريعةُ أُمِّ الكتابِ

فمِنْ بعدها عِشْنَ في كلِّ أرضٍ
        بسوق النَّخاسةِ بين الذِّئابِ( )




اغتنم شبابك في طاعة الله
  البحر المتقارب( )  
أيا خائضًا في خِضَمّ الشَّباب
        أماني دُناك نيوبُ ذِئابِ

شبابُكَ : طيرٌ بَهِيٌّ لذاكَ
        تداريهِ دنيا الهَوى باللِّعابِ( )

لتنسلَ مِن ريشِهِ خِلْسَةَ أو
        لتبتاعَهُ بوعود السَّرابِ( )

فَخُذْ بِعُرَى الدين تَأمَنْ سَمَاكَ
        و إلا سَبتْكَ شِباكُ عُقابِ( )

شبابك : نبْتُ رُبى مُجْدِباتٍ
        وجود هُدَى الذكر غيثُ سَحابِ( )

وأجْوَدُ ما عند ليننْ ولِنْكِنْ
        إذا جاد جاد كنضْحِ الوِطابِ( )

فَلُذْ بهواطلِ دينٍ لتروي
        رُباكَ وتحيا بعيشٍ لُبابِ( )

لِتَنْثُرْ بِذورَكَ فيه وإلاَّ
        تَمُتْ بسواه بذورُ الشبابِ

شبابكُ : ألبانُ ضَرْعٍ : حليبٌ
        زكيٌ لذا فَلْيُصَنْ في الحِلابِ( )

وشرعُ الورى كائنًا ما يكونُ
        ككثبانِ رمْلٍ بصحرا يَبابِ( )

إذا ما وراهُ خَبَبْتَ كَبَبْتَ
        حليبَ حياتكَ فوقَ تُرابِ( )

إزاءك إن مَدّ يوما أكُفًّا
        فَدَعْها فتلكَ أَكُفُّ استلابِ

فإنْ أنتَ صافَحْتَها أسِرَتْكَ
        وعُدتَ نِهابا بأيدي انتهابِ( )

مبادىءُ أهزلُ من كلِّ قِرْدٍ
        وأخْدَعُ ما بَقيَتْ مِن سَرابِ

لقد ألَّفَتْهَا وحَسْبَ هواها
        ذئابُ الفَلا وثعالبُ غابِ

شبابك : عاصفةُ وأتِيُّ
        طَما يركبُ الصعْبَ في كلِّ بابِ( )

وهَدْيُ الكتاب فضاءٌ وأَرْضٌ
        نجومٌ ودُرُّ بعُمْقِ أُبابِ( )

ففي غْور أكوانِهِ أو ذُراها
        يَغُصُّ الهُدَى بالكنوز العُجابِ( )

لذا يا فتى فاقتحمْ بالشِّبابِ
        لِنَيلِ معاليهِ جَوْزَ الصِعابِ( )

فَغُصْ يَمَّهُ وارْقَ نجمَ سماهُ
        تَفُزْ عاجلاً بالأماني الرِغابِ( )

أماني الشبابِ ضمِرْنَ وراحتْ
        من الجوع تعوي عواء الذِئابِ( )

وكلٌّ سوى الذِّكْرِ دَغْلٌٌ عَطاهُ
        ولو عَبَّ ماءَ بِحارٍعِذابِ( )

أترجو جَناهُ فأنَّى مُناكَ
        تُسَمِّنُها بضريعِ اليَباب( )

إلى دين أحمدَ فتيانُ هُبُّوا
        فذا الدينُ كلُّ معاني الشَّبابِ

فإن تَقْفُهُ لبنيكَ يَصِغْ مِنْ
        نجوم السَّما خَرزاتِ السِّخابِ( )


وليلَكَ يَجْلِ ويَجْنِ لكَ التـِ
        ـبْرَ لو رُمْتَهُ من غبار الترابِ( )

به صَرْحُكَ يعتلي، وسِواهُ
        خرابًا يُحيلكَ فوق خرابِ( )

فذا الدينُ إن لم يَعِشْْهُ الشبابُ
        يَعِشْ مُرغمًا في فيافي السَّرابِ( )

شبابُ : أتَأْمَلُ عيشًا طويلاً
        ويُغريكَ ما في الدُّنى من وِغابِ( )

فلا تخْدَعَنْكُمْ أماني دُناكمْ
        أماني الدُّنى دِمَنٌ في خَرابِ( )

شَبابُ : أتلهو وفي كُلِّ يومٍ
        لدور الصِّبا طارقًًا كُلَّ بابِ( )

شبابكَ :  شَمْسُ ضُحىً أو أصيلُ
        وشَيْخُكَ أدْجِنْ بهِ ليلُ غابِ( )

شبابك : زهْرٌ وربْعُ ربيعٍ
        غدًا سوف يغدو هَشيم حُطابِ

شبابك : بُرْدٌ قَشيبٌ بَهِيٌّ 
        بِطانَتُهُ ضُمِّخَتْ بالأنابِ( )

يرِثُّ إذا ما هرِمْتَ ويُمسى
        مُحَيَّاه مثلَ جُلودٍ جِرابِ

وحين إلى الله تُدعَى تُجيبُ
        سأرجوه بعد انصرامِ شبابي

فماذا تُجيبُ الكريمَ غداً إنْ 
        أشار إليكَ بهذا العتابِ

أألبَسْتَ دنياكَ كُلَّ جديدٍ 
        وألْبَسْتَ دينك رَثَّ الثِّيابِ( )

أَعَبْدُ تذكَّرتَنا بعد أنْ لم 
        تَذَرْ منك دنياك غَيْرَ الكَعابِ( )

شبابك : أُغْنِيَّةٌ وابتهاجُ 
        ومِن بَعْدُ تُمسي نُعابَ اكتئابِ( )

فماذا تجيبُ الكريم غدًا إنْ 
        أشار أليك بهذا العِتابِ

أأسْمَعْتَ دُنياك عبدي الهَديلا
        وأسْمَعْتَ باريكَ نَعْقَ الغُرابِ( )







خير رسول لخير رسالة
البحر المجتث( )
يا دينُ إنََّّا فِداكَ
        ما عَزّ إلا حِماكََ( )

ويومَ ناديتَ قومًا
        كي يستنيرَ سَناكََ( )

استنكف القومُ من أنْ
        تعلو يديهم يداكَ

في حين أنَّ الثُّرَيَّا
        لمَّا سَمِعْنَ نِداكَ( )

تاقتْ ولو ليلةً تخـ
        ـطو فوقها قدماكَ( )

يا دينُ ما عَزَّ قومٌ
        إلاَّ بِظِلِّ هُداكَ

شمسُ الحياة التي تِسْـ
        ـتَجدي ضِياها عِداكَ( )

وبدْرُها يسبحان
        كلاهما في فَضاكَ

والخافقان وما قد
        عَلاهما دَفَّتاكَ( )

فكُلُّ أرضٍ ضِياها
        ونورُها من ضِياكَ

فَلَمْ يَرَ النُّورَ قَطُّ
        إلاَّ الذي قد رآكَ

يرجو الملوكُ الطُّغاةُ
        لو يحجبون سَناكَ

يبغون أن يفقؤوكَ
        ما قدَّروا فِعْلَ ذاكَ( )

وما دَرَوا أنَّ شمسي
        دنياهمو مُقْلتاكَ( )

تبغي شعوبُ الطُغاةِ
        أنْ تُبْتَرَنَّ يَداكَ( )

وما دَرَوا أنَّ فَصْلَيْ
        أمطارِهِمْ راحتاكَ( )

فنفسهُ قد رمى كُلْـ
        لُمَنْ بِسَهْمٍ رَماكَ

مُحَمَّدٌ، فاز مَنْ في
        دُنياه يقفو خُطاكَ( )

أبي وأمِّي وأولا
        دي هم جميعا فِداكَ


يا مَنْ لنا ربُّنا مِنْ
        بين الأنامِ اصطفاكَ

صَلَّى عليكَ الإلهُ
        ما استاك عَبْدٌ سِواكا

وما تَرَنَّمَ طَيْرٌ
        واشتاق قَلْبٌ لِقاكَ( )


وما تَوَرَّدَ وَرْدٌ
        كأنَّهُ وَجنتاكَ

وما تَفَقَّهَ عَبْدٌ
        تأَسِّيًا بِهُداكَ

وما تَطَوَّفَ رَكْبٌ
        وبعد حَجٍّ أتاكَ( )

يزور قبرًا يَشُعُّ
        مِن جانبيهِ سَناكَ( )


بكلِّ طِيبٍ زَكِيٍّ
        يفوحُ منه شَذاكََ( )

وما بِفُحْشٍ ولَعْنٍ
        تَفَوهَتْ شَفتاكَ

لكنْ بكلِّ هُدىً قد
        أنَرْتَ كُلَّ دُناكَ

قد كنْتَ تُدْعَى الصَدوقَ
        الأمينَ منذ صِباكَ

كانت لِحِلْمِكَ قد أسْـ
        ـلمتْ قلوبُ عِداكَ( )

وكان ينبهرُ المسْــ
        ـتَجْدِي العَطا من عَطاكَ( )

وشاعَ في كُلِّ نادٍ
        حديثُهم عن نَداكَ( )

ويرعوي الخَصْمُ عنكَ
        من هَيْبَةٍ أنْ رآكَ( )


تواضعًا لم تُقَبَّلْ
        إلا قليلاً يَداكَ( )

ولو أَرَدْتَ عُلُوًّا
        لقُبِّلَتْ أخْمَصَاكَ( )

بل لو أَذِنْتَ لراحوا
        يُقَبِّلونَ حِذاكَ

لِنَعْتِ خُلْقِكَ أعيا
        مَن قد رأى والتقاكَ( )

أنّى إذنْ قد يُلِمُّ
        بالنَّعْتِ مَن ما رآكَ( )

عَينَ الحقيقة كانت
        تجيءُ صُبْحًا رُؤاكَ( )

فذا رُؤاكَ فكيف
        شرعُ الذي قد هَداكَ

والنَّاسَ كنتَ تراهم
        وهمْ ركوعٌ وراكَ( )

كانت مِنَ البَدْرِ أبْهى
        وشمسِنا وجنتاكَ( )


مِن رَشْحِ إبْطَيْكَ عَرْقاً
        كانت عطورُ نِساكَ( )

وكانَ مِن غير طِيبٍ
        تفوحُ طِيبًا يداكَ

وكان أزكى العطور
        يَشُمُّ مَنْ شَمَّ فاكَ

والجِذْعُ شوقًا بُكاءَ
        الصَّبِيِّ أُمًّا بَكاكَ( )

وبَدْرُنا فِلْقَتَينِ
        شَطَرْتَهُ بِدُعاكَ( )

وعند مَسْراكَ قد صلْـ
        ـلَى الأنبياء وراكَ

وفوقَ كُلِّ نَبِيٍّ
        عَلَّى العَلِيُّ سَماكَ( )

يا سَيِّدَ الأنبياء
        ما عزَّ إلا لِواكَ

لمَّا وُلِدْتَ بوادٍ
        طارَتْ قُلوبُ عِداكَ

لمَّا وُلِدْتَ يتيمًا
        صار المعالي أبَاكَ

بعضٌ إزارَكَ صارتْ
        وبَعضهُنَّ رِداكَ( )


وأصبحتْ للضيوفِ
        تلكَ المعالي قِراكَ( )

لمَّا بُعِثْتَ غَدَتْ أفْـ
        ـلاكُ الحياةِ عُراكَ( )

لذاك ضَلَّتْ شُعوبٌ
        تَنَكَّبَتْ عن هُداكَ( )

قد ذَلَّ عُرْبٌ وعُجْمٌ
        مَنْ بالدُنى شَرَياكَ( )

ومَنْ ملوكًا أخِسّا
        سادوا بِكَ استَبدلاكَ

وحين هاجْرتَ سِرًّا
        وصاحبًا قَدْ فَداكَ

وَدَّتْ مَجَرَّاتُ لَمَّا
        تَرَكْتَ مَغْنى صِباكَ( )

لو أنَّها قد أناخَتْ
        بأَْرضها ناقتاكَ( )

ويومَ سُدْتَ وأمسى
        فوق الخُصوم لِواكَ( )

لم تنتقمْ مِن خُصومِكْ
        لم تعتقلْ مَن عَصاكَ

بَلِ اعْتَذَرْتَ لِمَن قد
        دعوتَهُ وجَفاكَ( )

لعلَّ بعضَهمو لَم ْ
        يَعُوا مُرادَ هُداكَ

كما أضاءَ ضُحاكَ
        فقد أضاءَ مَساكَ

فيومَ نَفْسُكَ فاظتْ
        لبَّتْ نِدا مَنْ دَعاكَ ( )

لكلِّ إنْسٍ وجِنٍّ       
        أهلُ السماءِ نَعاكَ( )

وما بليغٌ بأرضٍ
        مَرَّتْ بها قَدماكَ

إلاَّ بأشْجى قَوافيـ
        ـهِ صادقًا قَدْ رَثاكَ( )

وإنْ وَضيعٌ لِحِقْدٍ
        يومًا بشعرٍ هَجاكَ

فإنَّ كلَّ المنابِرْ
        قد أصبحتْ شُعَرَاكَ

ويومَ شُيِّعْتَ أرْضًا
        تبكي الصِّحابُ وَراكَ

فإنَّ عُلْيا النجومِ
        قد رَحَّبَتْ بلِقاكَ

وحينَ غُيِّبْتَ أمْسَتْ
        نجمُ الثُّرَيّا ثَراكَ( )

يا رَبُّ إنْ قد حُرِمْنا
        اصطحابَهُ في دُناكَ

فاكْتُبْ لنا أنْ نَراهُ
        إنْ أُزْلِفَتْ جَنَّتاكَ( )

يا سَيِّدَ الأنبياءِ
        تاه الذي قد قَلاكَ

وعَزَّ قافٍ خُطاكَ
        وذلَّ مَن قد جَفاكَ

كلُّ الملوكِ الَّذينا
         راموا المعالي وَراكَ

واستنكفوا أن يكونا
        هَواهمو مِنْ هَواكَ

أو أنْ يَشيموا سَحابًا
        يَمُرُّ عَبْرَ سماكَ( )

لم يرتقوا ما ارْتَقَتْهُ
        أدنى نجومِ عُلاكَ

بل قد هَوَوا في مَهاوٍ
        لبعدهم عن هُداكَ

سبحان مَنْ كُلَّ خيرٍ
        أعطاكَ حينَ بَراكَ( )

وسَخَّرَ الخَلْقَ تَمشي
        جميعُها مِنْ وَراكَ

إذْ ما لهم مِنْ شَفيعٍ
        يوم الحسابِ سِواكَ

إذْ لم يُرفرِفْ لدى حَشْـ
        ـرِ الخَلْقِ إلاّ لِواكَ

ما طابَ نَظْمُ القوافي
         إنْ لم تَهِمْ في هَواكَ

بل لا تطيبُ الجِنانُ
         إذا بها لا نَراكَ

يا رَبُّ شَفِّعْهُ فينا
        وضُمَّنا بحِماكَ

إذا استطارتْ خُطوبٌ
        وأشْتَّدَ فينا بَلاكَ( )

ما مِنْ ملاذٍ لنا في
        اليومِ العصيبِ سِواكَ

يا ربُّ مُنَّ علينا
        بِمَكْرُماتِ سَخاكَ( )

جَنَّاتِ عَدْنٍ بها مِنْ
        هذا السَّخا نِعمتاكَ

لُقْيَا الحَبيبِ وأسْمى غا
        ياتِنا أنْ نَراكَ

وفوق هذا النَّعيمِ
        يا ربُّ نَرجو رِضاكَ( )



     فرغت من نظم هذه القصائد في اليوم السابع من محرم سنة 1427هـ
الموافق لليوم السادس من كانون الثاني سنة 2006م.         
المحتويات
عنوان القصيدة    الصفحة
الغريق الظمآن    6
أُمُّ القرى    9
سفينة الشعوب    12
قدر أُمَّة القرآن    16
المنبر الطللي    19
هذا الدين    23
اغتنم شبابك في طاعة الله    26
خير رسول لِخير رسالة    30



السيرة العلمية
-الاسم : عبد الجبار فتحي زيدان ذنون.
-محل وتاريخ الولادة : الموصل/1947م، محلة الشفاء، قرب دورة قاسم الخياط.
-أنهيتُ دراستي الابتدائية، في المدرسة القحطانية، سنة 1962.
-أنهيتُ دراستي المتوسطة، في متوسطة الحرية ، سنة 1965م.
-أنهيتُ دراستي الإعدادية، في الإعدادية المركزية، القسم العلمي، سنة 1967م
 -خريج كلية التربية الملغاة / قسم اللغة العربية /جامعة بغداد، حصلتُ على شهادة البكالوريوس في هذه الكلية بدرجة جيد جدًّا، سنة 1972م.
-عُيِّنتُ مدرسًا في ثانوية قيارة في 9/10/1973م، ثم نُقلتُ بعدها إلى متوسطة كرمليس، ثم ثانوية قره قوش، ثم متوسطة المثنى، فمتوسطة أبي بكر الصديق، وبعد حصولي على شهادة الماجستير، تم نقلي إلى معهد إعداد المعلمات سنة 1989م.
 -حصلتُ على شهادة الماجستير في اللغة العربية، بدرجة جيد جدًّا عالٍ  يرسالتي الموسومة (المشاكلة بين واو الحال وواو المصاحبة في النحو العربي) بتاريخ 20/12/1988م جامعة الموصل / كلية الآداب، بموجب الأمر الجامعي المرقم 3/11/319 في 9/1/1989م
-حصلت على شهادة الدكتوراه في اللغة العربية، بدرجة امتياز، بأطروحتي الموسومة ((ما) في القرآن الكريم /دراسة نحوية) في 26/8/1997م، بموجب الأمر الجامعي العدد 3/11/2ع72 بتاريخ 16/9/1997م
-تم نقل خدماتي إلى وزارة التعليم العالي، وباشرتُ التدريس بكلية المعلمين في 19/3/1997م، التي هي كلية التربية الأساسية حاليا
-كُلِّفتُ بالخطابة من لدن وزارة الأوقاف، وكان عدد الجوامع التي صعدتُ فيها على منابرها، خمسة عشر جامعًا، وأول خطبة خطبتها كانت في جامع الطالب/حي الرفاعي، في الأسابيع الأولى من افتتاحه، سنة 1987م، وأكثر خطبي كانت في جامع يونس النحوي المعروف بجامع شيخ الشط، وآخرها كانت في جامع العطاش/كوكجلي، ثم تركتُ المنبر سنة 2000م
-أعمل الآن تدريسيًّا بكلية التربية الأساسية ، جامعة الموصل، ومحاضرًا في الدراسات العليا، ومناقشًا ومشرفًا لرسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه. في قسم اللغة العربية في الكلية المذكورة.

  Abd gbar 950@ yahoo. Com             اميل
        07702050050 موبايل



للمؤلف
1-إعجاز القرآن الكريم. رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق ببغداد802/ لسنة 2009م
2-مواعظ إسلامية. رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق ببغداد/803 لسنة 2009م
3-دروس إسلامية. رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق ببغداد/804 لسنة 2009م
4-بين الماضي والحاضر / قصائد إسلامية. رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق ببغداد/805 لسنة 2009م
5-المشاكلة بين واو الحال وواو المصاحبة في النحو العربي. رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق ببغداد/806 لسنة 2009م
6-(ما) في القرآن الكريم / دراسة نحوية. رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق ببغداد/807 لسنة 2009م
 7-دراسات في النحو القرآني.. رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق ببغداد/811 لسنة 2009م
8-من مزاعم النحاة. رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق ببغداد/808 لسنة 2009م
9-النصب على نزع الخافض والتضمين من بدع النحاة والمفسرين، رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق ببغداد/    1732 لسنة 2010م.
10- الوجوه الدخيلة في كتب الوجوه والنظائر، لفظ (الذكر) نموذجًا، مع بحث صغير بعنوان : لغة القرآن فوق نحو النحاة رقم الإيداع بدار الكتب والوثائق ببغداد/ 1798 لسنة 2011م


-----------------------------------------------------------------------
الحقوق محفوظه لمدونة اشعار عربيه و قصائد و معلقات
نرحب بزيارتكم لنا

الخميس، 21 نوفمبر 2013

نعــلــمــت

نعــلــمــت

نعــلــمــت ♠♠ الــعــشــق ♠♠ مــن هــمــســاتــك ♠♠ فــعــشــقــت..~♥!
وتــعلــمــت ♠♠ الــحــب مــن ♠♠ نــبــضـــاتـــك ♠♠ فــأحــبــبــت ..~♥!

وعلــمـت ♠♠ أن كـل ♠♠ مــعـانــي الـحــيــاه ♠♠ فـي وجــودك ♠♠ فــأقــتـربــت..~♥!
يــا حــبــآ ♠♠ صــنــع مــنــك ♠♠ الــحــب كــلــمــاتـــه..~♥!
ويــا شــوقــآ ♠♠ زاد شــوق ♠♠ الــمــحــبــيــن ♠♠ مــن هــمــســاتــه..~♥!

أعــتــرف ♠♠ الــيــوم اني. . اُحبك..~♥


-----------------------------------------------------------------------
الحقوق محفوظه لمدونة اشعار عربيه و قصائد و معلقات
نرحب بزيارتكم لنا

قطعة سكر

قطعة سكر

حلمت بك أمس… و كأنك قطعة سكر….
تذوب… تنصهر… في فمي.. في أضلعي..
و هل يوجد أحلى من السكر؟

حلمت بك أمس و كأنك غصن أخضر….
تتمايل.. ترقص.. و تنحني… على تضاريسي …
و هل يسعدني أكثر من كونك غصن أخضر؟

حلمت بك أمس… و كأنك قطعة مرمر.
تتكسر… و تتجمع .. ثم إلى حطام بين ثنايا تتحول…
و هل يحلم الإنسان بأكثر … من أن يملك .. يمسك ..
قطعة من مرمر ؟

حلمت بك أمس … و كأنك مسك و عنبر…
تفوح و تعبق … و في أنفاسي تسكن..
و هل يزيدني نشوة أكثر ….
من أن أستنشق مسكا و عنبر ؟

حلمت بك أمس … و كأنك نهر كوثر …
تنساب و تترقرق … و في شراييني تسري و إلى أحشائي تصلي.
و هل أتمنى أكثر من حصولي على نهر كوثر ..؟

و بعد هذا كله أما زلت اظن أن حبي لك قد تغير ؟

لا يا قطعة السكر
فأنا ما زلت على العهد و لم أتغير


-----------------------------------------------------------------------
الحقوق محفوظه لمدونة اشعار عربيه و قصائد و معلقات
نرحب بزيارتكم لنا

قصه وعبره

 قصه وعبره.....

في إحدى القرى كان هناك عجوز كبير. وكان فقيرا جدا لكنْ كان الملك يحسده …لأنه كان يملك فرسا أبيضا لامثيل له ، فكانت سيرة هذا الفرس على كل لسان أهل القرية .
فمن شدة إعجاب الملك بهذا الفرس عرض على العجوز كل ثروته تقريبا لشرائه منه ، لكن العجوز ماكان ليقبل أن يبيعه ، وكان يقول دوما : هذا الفرس ليس كباقي الخيل … هذا صديق العمر ، وهل يبيع أحد صديقه ! قام أهل القرية في أحد الأيام صباحا ، نظروا فلم يجدوا الفرس .اجتمع أهل القرية عند العجوز ، وبدأوا يوبخونه ، يالك من عجوز خرف ! كان يجب عليك أن تعلم أنهم لن يتركوا لك فرسك ، فكان واضحا أنهم سيستولون عليه .لو أنك بعته للملك ، كنت الآن صاحب ثروة ، وكنت ستعيش عيشة الأسياد .أما الآن فلا نقود عندك ،ولا الفرس …قال العجوز : “لاتتعجلوا بقراركم “.قولوا فُقد الفرس فقط” .”لأنها هذه هي الحقيقة . أما ماوراء ذلك ماهي إلا رؤيتكم وقرار اتخذتموه أنتم. ففقْد فرسي هل هو خير أريد لي أم شر فلا نعرف ، سننتظر .لأن هذه الحادثة مجرد بداية . وماذا سيحدث بعدها فلا أحد يعلم ذلك.بدأ أهل القرية يضحكون لكلام هذا العجوز الخرف ويسخرون منه . لم يمض على هذه الحادثة 15 يوما ، إلا والفرس رجع في إحدى الليالي …فما سُرق وإنما ذهب إلى الجبال وهو في طريق عودته أحضر معه 12 فرسا بريا لحقوا به من الوادي.
لما رأى أهالي القرية ذلك ، جاءوا إليه يعتذرون،وقالوا له أنت ” كبيرنا ” “أنت كنت المحق.فالفرس لم تفقده ،وإنما جلب لك ثروة كبيرة.فالآن أصبحت تملك قطيعا من الخيل..”
“إنكم تتعجلون بقراركم ثانية” قال لهم العجوز .
قولوا فقط رجع الفرس.لأن هذه هي الحقيقة الآن ، وبعدها لانعلم ماذا سيحدث . ماهي إلا بداية ..فكيف لكم أن تحكموا على الكتاب من أول حرف تقرؤنه فيه. هذه المرة لم يستهزئ أهالي القرية بالعجوز ، ولكن كان يقولون في أنفسهم أنه مغفل…
ولم يمض أسبوع حتى وقع ابنه الوحيد من على أحد الخيل عندما كان يروضه، فكسر رجله .وصار ابنه طريح الفراش وهو الذي كان يقوم على احتياجات البيت
اجتمع أهالي القرية عنده ثانية وقالوا : “وهذه المرة كان الحق معك”فبسبب هذه الخيل ،فإن ابنك الوحيد لن يستطيع المشي فترة طويلة .ولن يعينك خلال هذه الفترة ، وستتحمل أعباء الحياة لوحدك . ومن المؤكد أنك ستصبح أشد فقرا وأشد بؤسا من ذي قبل”.
“يبدو أنه أصابكم مرض القرار العاجل” رد عليهم العجوز.
فلا تتعجلوا ـ فولدي كسرت رجله فقط ، وهذه هي الحقيقة ،وماوراء ذلك فإنه قراركم أنتم.لكن ماأغرب العمر ، يمر على شكل مراحل متتابعة وقصيرة ، ولاأحد يستطيع أن يخبركم ماذا سيحدث بعدها .
وبعد عدة أسابيع ، جمع العدو جيشا كبير العدة والعدد وهاجم البلد. فاضطر الملك أن يستعين بكل شباب ذلك البلد ، فجاء الجنود وجمعوا كل شباب القرية عدا ابن العجوز ، المكسورة رجله.
حزن جميع أهل القرية على أولادهم ، لأنهم كانوا متأكدين أن هذه المعركة لن يربحوها ، وذلك لقوة وكثرة جنود العدو. وكانوا يعلمون أيضا أن كل من ذهب للحرب سيقتل أو سيتم أسره.
جاء أهالي القرية مرة ثانية لعند العجوز…
“مرة أخرى أُثبتَ أنك أنت على حق”
قالوا له.”صحيح أن ابنك رجله مكسورة ، لكنه بجانبك على الأقل .أما أبناؤنا فالاحتمال الكبير أنهم لن يعودوا إلينا .
وبذلك كان كسر رجل ابنك خير لك وليس شرا …”
“أنتم استمروا بقرارتكم المتعجلة ” قال لهم العجوز.
وماذا سيحصل بعد ذلك فلا أحد يدري .الحقيقة الوحيدة الآن ، أن ابني بقربي ، وأنتم أبناءكم في الجيش .
فأي ذلك خير ، وأي ذلك شر فالله وحده من يعلم ذلك .

-----------------------------------------------------------------------
الحقوق محفوظه لمدونة اشعار عربيه و قصائد و معلقات
نرحب بزيارتكم لنا

شرح معلقة : الحارث بن حلّزة بن مكروه بن يزيد بن عبد الله بن مالك بن عيد 1

 شرح معلقة : الحارث بن حلّزة بن مكروه بن يزيد بن عبد الله بن مالك بن عيد 1


الإيذان : الإعلام ، البين : الفراق ، الثواء والثوي : الإقامة ، والفعل ثوى يثوي يقول : أعلمتنا أسماء بمفارقتها إيانا ، أي بعزمها على فراقنا , ثم قال : رب مقيم تمل إقامته ولم تكن أسماء منهم ، يريد أنها وإن طالت إقامتها لم أمللها ، والتقدير : رب ثاو يمل من ثوائه
العهد : اللقاء ، والفعل عهد يعهد يقول : عزمت على فراقنا بعد أن لقيتها ببرقة شماء وخلصاء التي هي أقرب ديارها إلينا
هذه كلها مواضع عهدها بها يقول : وقد عزمت على مفارقتنا بعد طول العهد
الاحارة : الرد من قولهم : حار الشيء يحور حورا ، أي رجع ، وأحرته أنا أي رجعته فرددته يقول : لا أرى في هذه المواضع من عهدت فيها ، يريد أسماء ، فأنا أبكي اليوم ذاهب العقل وأي شيء رد البكاء على صاحبه ؟ وهذا استفهام يتضمن الجحود ، أي لا يرد البكاء على صاحبه فائتا ولا يجدي عليه شيئا .. تحرير المعنى: لما خلت هذه المواضع منها بكيت جزعا لفراقها مع علمي بأنه لا طائل في البكاء ، الدله : ذهاب العقل ، والندليه إزالته
ألوى بالشيئ : أشار به . العلياء : البقعة العالية يخاطب نفسه ويقول : وإنما أوقدت هند النار بمرآك ومنظر منك ، وكأن البقعة العالية التي أوقدتها عليها كانت تشير إليك بها .. يريد أنها ظهرت لك أتم ظهور فرأيتها أتم رؤية
التنور : النظر إلى النار ، خزازى : بقعة بعينها ، هيهات : بعد الأمر جدا ، الصلاء : مصدر صلى النار ، وصلي بالنار يصلى صلى ويصلا إذا احترق بها أو ناله حرها يقول : ولقد نظرت إلى نار هند بهذه البقعة على بعد بيني وبينها لأصلاها ، ثم قال : بعد منك الاصطلاء بها جدا ، أي أردت أن آتيها فعاقتني العوائق من الحروب وغيرها
يقول : أوقدت هند تلك النار بين هذين الموضعين بعود فلاحت كما يلوح الضياء
غير أني : يريد لكني ، انتقل من النسيب إلى ذكر حاله في طلب المجد ، الثوي والثاوي : المقيم ، النجاء : الاسراع في السير ، والباء للتعدية يقول : ولكني أستعين على إمضاء همي وقضاء أمري إذا أسرع المقيم في السير لعظيم الخطب وفظاعة الخوف
الزفيف : إسراع النعامة في سيرها ثم يستعار لسير غيرها ، والفعل زف يزف ، والنعت زاف ، والزفوف مبالغة ، الهقلة : النعامة ، والظليم هقل ، الزأل : ولد النعامة ، والجمع : رئال ، الدوية منسوبة إلى الدو وهي المفازة ، سقف : طول مع انحناء ، والنعت أسقف يقول : أستعين على إمضاء همي وقضاء أمري عند صعوبة الخطب وشدته بناقة مسرعة في سيرها كأنها في إسراعها في السير نعامة لها أولاد طويلة منحنية لا تفارق المفاوز
النبأة : الصوت الخفي يسمعه الانسان أو يتخيله ، القناص : جمع قانص وهو الصائد ، الإفزاع : الاخافة ، العصر : العشي يقول : أحست هذه النعامة بصوت الصيادين فأخافها ذلك عشيا وقد دنا دخولها في المساء . لما شبه ناقته بالنعامة وسيرها بسيرها - بالغ في وصف النعامة بالاسراع في السير بأنها تؤوب إلى أولادها مع إحساسها بالصيادين وقرب المساء ، فإن هذه الأسباب تزيدها إسراعا في سيرها
المنين : الغبار الرقيق ، الأهباء : جمع هباء ، والإهباء إثارته يقول : فترى أنت أيها المخاطب خلف هذه الناقة من رجعها قوائمها وضربها بالأرض بها غبارا رقيقا كأنه هباء منبث ، وجعله رقيقا إشارة إلى غاية إسراعها
الطراق : يريد بها أطباق نعلها ، ألوى بالشيء : أفناه وأبطله وألوى بالشيء أشار به يقول : وترى خلفها أطباق نعلها في أماكن مختلفة قد قطعها وأبطلها قطع الصحراء ووطؤها
يقول : أتلعب بالناقة في أشد ما يكون الحر إذا تحير صاحب كل هم مثل تحير الناقة البلية العمياء يقول : أركبها وأقتحم بها لفح الهواجر إذا تحير غيري في أمره ، يريد أنه لا يعوقه الحر عن مرامه
يقول : ولقد أتانا من الحوادث والأخبار أمر عظيم نحن معنيون محزونون لأجله ، عني الرجل بالشيء يعنى به فهو معني به ، وعني يعنى إذا كان ذا عناء به ، وسؤت الرجل سوءا ومساءة وسوائية : أحزنته
الأراقم : بطون من تغلب ، سموا بها لأن امرأة شبهت عيون آبائهم بعيون الأراقم ، الغلو : مجاوزة الحد ، الإلحاح . ثم فسر ذلك الخطب فقال : هو تعدي إخواننا من الأراقم علينا وغلوهم في عدوانهم علينا في مقالتهم
يريد بالخلي : البريء الخالي من الذنب يقول : هم يخلطون براءنا بمذنبينا فلا تنفع البريء براءة ساحته من الذنب
العير في البيت يفسر : بالسيد ، والحمار ، والوتد ، والقذى ، وجبل بعينه . قوله : وأنا الولاء ، أي أصحاب ولائهم ، فحذف المضاف ، ثم إن فسر العير بالسيد كان تحرير المعنى : زعم الأراقم أن كل من يرضى بقتل كليب وائل بنو أعمامنا وأنا أصحاب ولائهم تلحقنا جرائرهم ، وإن فسر بالحمار كان المعنى : أنهم زعموا أن كل من صاد حمر الوحش موالينا أي ألزموا العامة جناية الخاصة ، وإن فسر بالوتد كان المعنى : زعموا أن كل من ضرب الخيام وطنبها بأوتاد موالينا ، أي ألزموا العرب جناية بعضنا ، وإن فسر بالقذى كان المعنى : زعموا أن كل من صار الى هذا الجبل موال لنا . وتفسير آخر البيت في جميع الأقوال على نمط واحد
الحقوق محفوظه لمدونة اشعار عربيه و قصائد و معلقات
نرحب بزيارتكم لنا

معلقة : الحارث بن حلّزة بن مكروه بن يزيد بن عبد الله بن مالك بن عيد

 معلقة : الحارث بن حلّزة بن مكروه بن يزيد بن عبد الله بن مالك بن عيد


آذَنَتنَـا بِبَينهـا أَسـمَــاءُ =رُبَّ ثَـاوٍ يَمَـلُّ مِنهُ الثَّـواءُ
بَعـدَ عَهـدٍ لَنا بِبُرقَةِ شَمَّـاءَ =فَأَدنَـى دِيَـارِهـا الخَلْصَـاءُ
فَالـمحيّاةُ فَالصّفاجُ فَأعْنَـاقُ =فِتَـاقٍ فَعـاذِبٌ فَالوَفــاءُ
فَـريَاضُ القَطَـا فَأوْدِيَةُ الشُـ =ـربُبِ فَالشُعبَتَـانِ فَالأَبْـلاءُ
لا أَرَى مَن عَهِدتُ فِيهَا فَأبْكِي=اليَـومَ دَلهاً وَمَا يُحَيِّرُ البُكَـاءُ
وبِعَينَيـكَ أَوقَدَت هِندٌ النَّـارَ =أَخِيـراً تُلـوِي بِهَا العَلْيَـاءُ
فَتَنَـوَّرتُ نَارَهَـا مِن بَعِيـدٍ =بِخَزَازى هَيهَاتَ مِنكَ الصَّلاءُ
أَوقَدتها بَينَ العَقِيقِ فَشَخصَينِ =بِعُـودٍ كَمَا يَلُـوحُ الضِيـاءُ
غَيرَ أَنِّي قَد أَستَعِينُ على الهم =إِذَا خَـفَّ بِالثَّـوِيِّ النَجَـاءُ
بِـزَفُـوفٍ كَأَنَّهـا هِقَلـةٌ =أُمُّ رِئَـالٍ دَوِيَّـةٌ سَقْفَــاءُ
آنَسَت نَبأَةً وأَفْزَعَها القَنَّـاصُ =عَصـراً وَقَـد دَنَا الإِمْسَـاءُ
فَتَـرَى خَلْفَها مِنَ الرَّجعِ وَالـ =ـوَقْـعِ مَنِيناً كَـأَنَّهُ إِهْبَـاءُ
وَطِـرَاقاً مِن خَلفِهِنَّ طِـرَاقٌ=سَاقِطَاتٌ أَلوَتْ بِهَا الصَحـرَاءُ
أَتَلَهَّـى بِهَا الهَوَاجِرَ إِذ كُـلُّ=ابـنَ هَـمٍّ بَلِيَّـةٌ عَميَــاءُ
وأَتَانَا مِنَ الحَـوَادِثِ والأَنبَـاءِ =خَطـبٌ نُعنَـى بِـهِ وَنُسَـاءُ
إِنَّ إِخـوَانَنا الأَرَاقِمَ يَغلُـونَ =عَلَينَـا فِـي قَيلِهِـم إِخْفَـاءُ
يَخلِطُونَ البَرِيءَ مِنَّا بِذِي الـ =ـذَنبِ وَلا يَنفَعُ الخَلِيَّ الخِلاءُ
زَعَمُوا أَنَّ كُلَّ مَن ضَرَبَ العِيرَ =مُـوَالٍ لَنَـا وَأَنَـا الــوَلاءُ
أَجـمَعُوا أَمرَهُم عِشاءً فَلَمَّـا =أَصبَحُوا أَصبَحَت لَهُم ضَوْضَـاءُ
مِن مُنَـادٍ وَمِن مُجِيـبٍ وَمِـن =تَصهَالِ خَيلٍ خِلالَ ذَاكَ رُغَـاءُ
أَيُّهَـا النَاطِـقُ المُرَقِّـشُ عَنَّـا =عِنـدَ عَمـروٍ وَهَل لِذَاكَ بَقَـاءُ
لا تَخَلنَـا عَلَى غِـرَاتِك إِنّــا =قَبلُ مَا قَد وَشَـى بِنَا الأَعْــدَاءُ
فَبَقَينَـا عَلَـى الشَنــــاءَةِ =تَنمِينَـا حُصُونٌ وَعِزَّةٌ قَعسَــاءُ
قَبلَ مَا اليَـومِ بَيَّضَت بِعُيــونِ =النَّـاسِ فِيهَـا تَغَيُّـظٌ وَإِبَــاءُ
فَكَـأَنَّ المَنونَ تَردِي بِنَا أَرعَــنَ =جَـوناً يَنجَـابُ عَنهُ العَمــاءُ
مُكفَهِراً عَلَى الحَوَادِثِ لا تَرتُـوهُ =للدَهـرِ مُؤَيِّـدٌ صَمَّـــاءُ
إِرمِـيٌّ بِمِثلِـهِ جَالَتِ الخَيــلُ =فَـآبَت لِخَصمِهَـا الإِجــلاَءُ
مَلِكٌ مُقسِطٌ وأَفضَلُ مَن يَمشِـي=وَمِـن دُونَ مَا لَـدَيـهِ الثَّنَـاءُ
أَيَّمَـا خُطَّـةٍ أَرَدتُـم فَأَدوهَـا =إِلَينَـا تُشفَـى بِهَـا الأَمــلاءُ
إِن نَبَشتُـم مَا بَيـنَ مِلحَـةَ فَالـ =ـصَاقِبِ فِيهِ الأَموَاتُ وَالأَحَيَـاءُ
أَو نَقَشتُـم فَالنَّقـشُ يَجشَمُــهُ =النَّـاسُ وَفِيهِ الإِسقَامُ وَالإِبــرَاءُ
أَو سَكَتُّم عَنَّا فَكُنَّا كَمَن أَغمَـضَ =عَينـاً فِـي جَفنِهَـا الأَقــذَاءُ
أَو مَنَعتُم مَا تُسأَلُونَ فَمَن حُــدِّ =ثتُمُـوهُ لَـهُ عَلَينَـا العَـــلاءُ
هَل عَلِمتُم أَيَّامَ يُنتَهَبُ النَّــاسُ =غِـوَاراً لِكُـلِّ حَـيٍّ عُــواءُ
إِذ رَفَعنَا الجِمَـالَ مِن سَعَفِ الـ =ـبَحرَينِ سَيراً حَتَّى نَهَاهَا الحِسَاءُ
ثُمَّ مِلنَـا عَلَى تَمِيمٍ فَأَحرَمنَــا =وَفِينَـا بَنَـاتُ قَـومٍ إِمَـــاءُ
لا يُقِيـمُ العَزيزُ بِالبَلَدِ السَهــلِ=وَلا يَنفَـعُ الـذَّلِيـلَ النِجَــاءُ
لَيـسَ يُنجِي الذِي يُوَائِل مِنَّــا =رَأْسُ طَـوْدٍ وَحَـرَّةٌ رَجــلاءُ
مَلِكٌ أَضلَـعَ البَرِيَّةِ لا يُوجَــدُ =فِيهَـا لِمَـا لَدَيـهِ كِفَـــاءُ
كَتَكَـالِيفِ قَومِنَا إِذَا غَزَا المَنـذِرُ =هَلِ نَحـنُ لابنِ هِنـدٍ رِعَــاءُ
مَا أَصَابُوا مِن تَغلَبِي فَمَطَلــولٌ =عَلَيـهِ إِذَا أُصِيـبَ العَفَـــاءُ
إِذَ أَحَـلَّ العَلاةَ قُبَّةَ مَيسُــونَ =فَأَدنَـى دِيَارِهَـا العَوصَــاءُ
فَتَـأَوَّت لَـهُ قَرَاضِبَـةٌ مِــن =كُـلِّ حَـيٍّ كَأَنَّهُـم أَلقَــاءُ
فَهَداهُم بِالأَسـوَدَينِ وأَمـرُ اللهِ =بَالِـغٌ تَشقَـى بِهِ الأَشقِيَــاءُ
إِذ تَمَنَّونَهُم غُـرُوراً فَسَاقَتهُـم =إِلَيكُـم أُمنِيَّـةٌ أَشــــرَاءُ
لَم يَغُـرّوكُم غُرُوراً وَلَكــن =رَفـَعَ الآلُ شَخصَهُم وَالضَحَـاءُ
أَيُّهـا النَاطِـقُ المُبَلِّـغُ عَنَّــا=عِنـدَ عَمروٍ وَهَل لِذَكَ انتِهَـاءُ
مَن لَنَـا عِنـدَهُ مِـنَ الخَيـرِ =آيَاتٌ ثَلاثٌ فِي كُلِّهِـنَّ القَضَـاءُ
آيَةٌ شَارِقُ الشّقِيقَةِ إِذَا جَـاءَت =مَعَـدٌّ لِكُـلِّ حَـيٍّ لِـوَاءُ
حَولَ قَيسٍ مُستَلئِمِينَ بِكَبـشٍ =قَـرَظِـيٍ كَـأَنَّـهُ عَبـلاءُ
وَصَتِيتٍ مِنَ العَواتِكِ لا تَنهَـاهُ =إِلاَّ مُبيَضَّــةٌ رَعــــلاءُ
فَرَدَدنَاهُمُ بِطَعنٍ كَمَا يَخـرُجُ =مِـن خُـربَةِ الـمَزَادِ المَـاءُ
وَحَمَلنَاهُمُ عَلَى حَزمِ ثَهـلانِ =شِـلالاً وَدُمِّـيَ الأَنسَــاءُ
وَجَبَهنَـاهُمُ بِطَعنٍ كَمَا تُنهَـزُ =فِي جَـمَّةِ الطَـوِيِّ الـدِلاءُ
وَفَعَلنَـا بِهِـم كَمَا عَلِـمَ اللهُ=ومَـا أَن للحَائِنِيـنَ دِمَــاءُ
ثُمَّ حُجـراً أَعنَي ابنَ أُمِّ قَطَـامٍ =وَلَـهُ فـَارِسِيَّـةٌ خَضــرَاءُ
أَسَـدٌ فِي اللِقَاءِ وَردٌ هَمُـوسٌ =وَرَبِيـعٌ إِن شَمَّـرَت غَبــرَاءُ
وَفَكَكنَا غُلَّ امرِيِء القَيسِ عَنـهُ =بَعـدَ مَا طَالَ حَبسُـهُ والعَنَـاءُ
وَمَعَ الجَـونِ جَونِ آلِ بَنِي الأَوسِ =عَتُـودٌ كَـأَنَّهـا دَفـــوَاءُ
مَا جَزِعنَا تَحتَ العَجَاجَةِ إِذ وَلُّوا =شِـلالاً وَإِذ تَلَظَّـى الصِــلاءُ
وَأَقَـدنَاهُ رَبَّ غَسَّـانَ بِالمُنـذِرِ =كَـرهاً إِذ لا تُكَـالُ الدِمَــاءُ
وأَتَينَـاهُمُ بِتِسعَـةِ أَمـــلاكٍ =كِـرَامٍ أَسـلابُهُـم أَغــلاءُ
وَوَلَـدنَا عَمـرو بنِ أُمِّ أنَـاسٍ =مِن قَـرِيبٍ لَمَّـا أَتَانَا الحِبَـاءُ
مِثلُهَـا تُخرِجُ النَصِيحةَ للقَـومِ =فَـلاةٌ مِـن دُونِهَـا أَفــلاءُ
فَاتْرُكُوا الطَيخَ والتَعَاشِي وَإِمّـا =تَتَعَاشَـوا فَفِـي التَعَاشِي الـدَّاءُ
وَاذكُرُوا حِلفَ ذِي المَجَازِ وَمَـا =قُـدِّمَ فِيهِ العُهُـودُ وَالكُفَـلاءُ
حَذَرَ الجَورِ وَالتَعدِّي وَهَل يَنقُضُ =مَـا فِـي المَهَـارِقِ الأَهـوَاءُ
وَاعلَمُـوا أَنَّنَـا وَإِيَّاكُم فِي مَـا =إِشتَرَطنَـا يَومَ إِختَلَفنَـا سَـوَاءُ
عَنَنـاً بَاطِلاً وَظُلماً كَمَا تُعتَـرُ =عَن حَجـرَةِ الرَبِيـضِ الظَّبَـاءُ
أَعَلَينَـا جُنَـاحُ كِندَةَ أَن يَغنَـمَ =غَـازِيهُـمُ وَمِنَّـا الجَـــزَاءُ
أَم عَلَينَـا جَرَّى إيَادٍ كَمَا نِيـطَ =بِـجَـوزِ المُحمَّـلِ الأَعبَــاءُ
لَيـسَ منَّا المُضَـرَّبُونَ وَلا قَيــسٌ =وَلا جَـندَلٌ وَلا الحَــــذَّاءُ
أَم جَـنَايَا بَنِي عَتِيـقٍ فَـإِنَّـا=مِنكُـم إِن غَـدَرتُـم بُــرَآءُ
وَثَمَانُـونَ مِن تَمِيـمٍ بِأَيدِيهِـم =رِمَـاحٌ صُـدُورُهُـنَّ القَضَـاءُ
تَرَكُـوهُـم مُلَحَّبِيـنَ فَآبُـوا =بِنَهـابٍ يَصَـمُّ مِنهَا الحُــدَاءُ
أَم عَلَينَـا جَـرَّى حَنِيفَةَ أَمَّــا =جَمَّعَـت مِن مُحَـارِبٍ غَبـرَاءُ
أَم عَلَينَا جَـرَّى قُضَاعَةَ أَم لَيـسَ =عَلَينَـا فِـي مَا جَـنَوا أَنــدَاءُ
ثُمَّ جَاؤوا يَستَرجِعُونَ فَلَم تَرجِـع =لَهُـم شَـامَـةٌ وَلا زَهـــرَاءُ
لَم يُخَـلَّوا بَنِـي رِزَاحٍ بِبَرقَـاءِ =نِطَـاعٍ لَهُـم عَلَيهُـم دُعَــاءُ
ثُمَّ فَـاؤوا مِنهُم بِقَاصِمَةِ الظَّهـرِ =وَلا يَبـرُدُ الغَلِيـلَ المَــــاءُ
ثُمَّ خَيلٌ مِن بَعدِ ذَاكَ مَعَ الغَـلاَّقِ =لا رَأَفَــةٌ وَلا إِبقَـــــاءُ
وَهُوَ الرَّبُّ وَالشَّهِيـدُ عَلَى يَـومِ =الحَيـارَينِ وَالبَـلاءُ بَــــلاءُ
-----------------------------------------------------------------------
الحقوق محفوظه لمدونة اشعار عربيه و قصائد و معلقات
نرحب بزيارتكم لنا

الشاعر الحارث بن حلّزة بن مكروه بن يزيد بن عبد الله بن مالك بن عيد - نبذه مختصره


الشاعر الحارث بن حلّزة بن مكروه بن يزيد بن عبد الله بن مالك بن عيد - نبذه مختصره

هو الحارث بن حلّزة بن مكروه بن يزيد بن عبد الله بن مالك بن عيد،

ينتهي نسبه، كما ذكر التبريزي، إلى يشكر بن بكر بن وائل بن نزار. شاعر

جاهلي من أصل بادية العراق، كان أبرص فخوراً، ارتجل معلقته بين يدي

عمرو بن هند الملك بالحيرة. جمع بها كثيراً من أخبار العرب ووقائعهم حتى

صار مضرب المثل في الافتخار، فقيل: أفخر من الحارث بن حلزة. اختلف

الرواة اختلافاً بيّناً، حول عصره وولادته، وسنّه يوم إنشاد معلّقته: ذكر التبريزي

أنه ألقى قصيدته هذه وهو في العقد الرابع بعد المئة، وذهب المستشرق

"دوبرسفال" إلى أنه عمّر بعد تلك المناسبة ما يزيد على خمسة عشر عاماً،

ومات ابن مئة وخمسين سنة..

ومهما يكن من أمر هذا الاختلاف فالحارث أحد المعمّرين ويتفق الرواة على

أنه كان يكبر عمرو بن كلثوم حين ناظره في مجلس عمرو بن هند بدليل

ما في شعره من الاعتداد الرّصين بقومه البكريين، وما أبدى من الحنكة

والدراية بنفسية الملوك وحسن خطابهم في تلك المناسبة. فقد كان

الحارث يشكو من وضح (أي برص)، جعله يتردّد أول الأمر في تمثيل

قبيلته ومواجهة عمرو بن كلثوم شاعر تغلب. وهو لذلك لم يتقدّم بادئ

ذي بدء وأفسح المجال للنعمان بن هرم، الذي كان تيّاهاً متعاظماً، فلم

يحسن خطاب الملك، وإذ اندفع بتهوره إلى إغاظته وإيغار صدره حتى

أمر بطرده من مجلسه..

وأمام هذه الحادثة، ثارت الحميّة في نفس الحارث فارتجل قصيدته. وكان

الملك قد أقام بينه وبينه سبعة ستور، ثم راح يرفعها الواحد بعد الآخر،

إعجاباً بذكاء الحارث، وتقديراً لشاعريته. ونظراً لأهمية هذه المناظرة في

حياة هذا الشاعر وظروف الخصومة بين بكر وتغلب على إثر حرب البسوس،

فقد رأينا من المستحسن أن نثبت رواية أبي عمرو الشيباني، التي جاءت

أكثر كتب الأدب على ذكرها، وفي مقدمتها الأغاني لأبي فرج الذي قال:

قال أبو عمرو الشيباني: كان من خبر هذه القصيدة والسبب الذي دعا

الحارث إلى قولها أن عمرو بن هند الملك- وكان جبّاراً عظيم الشأن والمُلك-

لما جمع بكراً وتغلب ابني وائل، وأصلح بينهم، أخذ من الحييّن، رهناً من كل

حيّ مائة غلام ليكف بعضهم عن بعض. فكان أولئك الرهن- يكونون معه في

سيره ويغزون معه. فأصابتهم ريح سَمُومٌ في بعض مسيرهم فهلك عامّة

التغلبيين، وسلم البكريون. فقالت تغلب لبكر: أعطونا ديات أبنائنا، فإن ذلك

لكم لازم، فأبت بكر بن وائل. ثم اجتمعت تغلب إلى عمرو بن كلثوم وأخبروه

بالقصة. فقال عمرو- لقومه-: بمن ترون بكر تعصب أمرها اليوم قالوا: بمن

عسى إلا برجل من أولاد ثَعْلَبة. قال عمرو: أرى والله الأمر سينجلي عن

أحمر أصلج أصّم من بني يشكر. "فجاءت بكر بالنعمان بن هرم: أحد بني

ثعلبة... وجاءت تغلب بعمرو بن كلثوم. فلما اجتمعوا عند الملك قال

عمرو بن كلثوم للنعمان بن هرم: يا أصمّ! جاءت بك أولاد ثعلبة تناضل

عنهم وهو يفخرون عليك! فقال النعمان: وعلى من أظلّت السماءُ كلُّها

يفخرون، ثم لا يُنكر ذلك. فقال عمرو له: أما والله لو لطمتُك لطمة ما أخذوا

لك بها. فجاء جواب النعمان نابياً وبذيئاً. فغضب عمرو بن هند وكان يؤثر

بني تغلب على بكر، فقال: يا جارية أعطيه لَحْياً بلسان أنثى

(أي اشتميه بلسانك). فقال: أيها الملك أعط ذلك أحب أهلك إليك. فقال:

يا نعمانُ أيسرُّك أني أبوك قال: لا! ولكن وددت أنّك أميّ. فغضب عمرو بن

هند غضباً شديداً حتى همّ بالنّعمان..

وقام الحارث بن حلّزة فارتجل قصيدته هذه ارتجالاً: توكّأ على قوسه

وأنشدها وانتظم كفّه وهو لا يشعر من الغضب حتى فرغ منها. وأورد

ابن الكلبي حول تلك المناسبة قوله: "أنشد الحارث عمرو بن هند هذه

القصيدة وكان به وضَح. فقيل لعمرو بن هند: إنّ به وضحاً. فأمر أن يجعل

بينه وبينه ستر فلما تكلّم أعجب بمنطقه، فلم يزل عمرو (أي الملك)

يقول: أدنوه حتى أمر بطرح الستر وأقعده معه قريباً منه لإعجابه به..

وجاء في خزانة الأدب للبغدادي أن الذي يقول "ارفعوا ستراً، وأدنوا الحارث"

، هي هند أم الملك. ولم تزل تقول ذلك، والملك بما أمرت، حتى رفعت

الستور وكانت سبعة فأدنى ابن حلزة منه وأطعمه في جفنته وأمر أن

لا ينضح أثره بالماء. وأضاف البغدادي بأنّ الملك أمر بجزّ نواصي السبعين

بكريّاً الذين كانوا رهناً عنده، ودفعها إليه. ويذكر الباحثون أن هذه النّواصي

بقيت في بني يشكر بعد الحارث وكانت موضع فخارها بشاعرها.

وخبر الحارث في بلاط عمرو بن هند هو أبرز مواقف حياته وفيه ورد أفضل

ما قاله من الشعر وهو المعلّقة. وفي خلال ذلك لم يردنا الكثير عن حياة

هذا الشاعر، ولاسيما أيامه الأخيرة ووفاته. لكنّ نفراً من الأدباء في المراجع

القديمة اتفق على أن الحارث كان بين المعمّرين من الشعراء،

وعنهم أخذ الأب شيخو فذكر أن الشاعر اليشكري مات سنة 580م وكان عمره

مئة وخمسين سنة، فتكون ولادته بحسب هذه الرواية في حدود 430م..




-----------------------------------------------------------------------

الحقوق محفوظه لمدونة اشعار عربيه و قصائد و معلقات
نرحب بزيارتكم لنا